تقارير وتحقيقات

طارق سقف الحيط من نابلس .. رجل الأعمال العاشق لبلده.. والوفي لعمّاله

رومل السويطي |
طارق سقف الحيط  من نابلس .. رجل الأعمال العاشق لبلده.. والوفي لعمّاله

شبكة اخباريات - رومل السويطي *:  كنت أتبادل أطراف الحديث مع أحد الأصدقاء المقربين حول الشخصية التي سنتحدث عنها في العدد المقبل من "حياة وسوق"، فقال بأن نابلس يوجد بها العديد من الشخصيات المميزة، واقترح اسم رجل الأعمال "طارق زياد سقف الحيط"، وحين سألته عن السبب، قال بأن هذا الرجل يستحق الاحترام والتكريم، لأنه رفض إغلاق مصنع النسيج الذي يملكه في نابلس حين كانت انتفاضة الأقصى في أوجها، حتى لا يتضرر العمال الذين وقفوا إلى جانبه حين كان في قمة نجاحه، هذا فضلا عن أنه بدأ حياته من الصفر، ليصبح صاحب أحد أهم مكاتب الاستشارات التجارية وخدمات الشحن والتخليص على مستوى الوطن.

من ساحة روضة صبوح .. ذكريات الطفولة
كانت البدايات التعليمية لرجل الأعمال طارق زياد صبحي سقف الحيط "أبو زياد" 48 عاما في العام 1968 على مقاعد روضة صبوح، ولا يزال حتى الآن يستذكر شجرة الأجاص التي كانت مزروعة وسط ساحتها، وكيف كان يلهو مع أقرانه حولها، فيما لا يزال حتى اليوم، يترحم على معلماته وخاصة الآنستين زهدية وحورية صبوح، اللتين كانتا بمقام الأم. وبعد بلوغه سن الست سنوات، ينتقل طارق سقف الحيط إلى مدرسة حسن عرفات ليبدأ المرحلة الابتدائية، وكانت المدرسة قبالة مخرطة والده، ليبقى على تواصل دائم مع والده ابتداء من البيت وحتى المدرسة، مما انعكس إيجابا على حياته الاجتماعية والتربوية، ثم ينتقل إلى مدرسة العامرية ليكمل المرحلة الإعدادية، وكانت مدرسة زراعية، وكان لها دور مميز في صقل شخصيته المتعلقة بحب الأرض وتقدير عطائها، كما بدأت في مدرسة العامرية تظهر لديه علامات النبوغ العلمي، وبدأ يحصد العلامات العليا، وفي مدرسة قدري طوقان انطلق نحو المرحلة الثانوية.

كان يرغب بدراسة الطب .. ولكن!
 وكان عام 1982 الذي شهد تخرجه من التوجيهي بمعدل 94،8% بالفرع العلمي، وكانت نتيجة مخيبة لآماله، لأنه كان يرغب بدراسة الطب، لكن معدله لم يسمح له بذلك، وبالرغم حصوله على منحة لدراسة الطب البشري في بغداد، إلا أن محبته للجامعة الأردنية، جعلته يفضّل دراسة الهندسة المدنية فيها، ليتخرج منها في العام 1987. ومع مرور الوقت، انسجم مع مساقات الهندسة وبدأ يعشقها تدريجيا، وخلال ذلك، صقلت الجامعة المزيد من شخصيته، وخاصة في مجال التعامل مع المتغيرات المرتبطة بواقع العمل الفلسطيني، وتتجلى مظاهر تفوقه بالدراسة، بعد حصوله على منحة للتدريب في البوسنة بيوغوسلافيا "سابقا"، وكانت دافعا إضافيا لطارق سقف الحيط نحو تحقيق المزيد من النجاحات .


بعد التخرج في عام 1987 عاد إلى نابلس ، رافضا العديد من العروض في العمل ببعض دول الخليج، لقناعته بضرورة تأسيس العمل في الوطن، إلى جانب عدم قناعته المطلقة بـ"الهجرة" من أجل العمل، ويبدأ بعد التخرج مباشرة بإنشاء مكتب هندسي ونواة فريق عمل للتعهدات الهندسية، لكن وبسبب اندلاع انتفاضة 1987، وكون العمل الهندسي لم يكن منظما ولا يؤمن الحياة الكريمة للعاملين به في ذلك الحين، يتوجه لتأسيس مشروع صناعي، في العام 1993  بمشاركة زوج شقيقته رجل الأعمال "سبع حلمي العقاد " الذي كان له الدور الكبير في توجه طارق سقف الحيط إلى القطاع الصناعي، معتمدا في ذلك على الخبرة التي اكتسبها من العمل بمشاغل الخياطة بعد الدوام خلال أيام الدراسة المدرسية.

مصنع النسيج .. من خط إنتاج إلى ستة خطوط !!
ويبدأ العمل في مصنع النسيج بخط إنتاج واحد وستة عمال، وخلال أقل من عام
 واحد، ينتقل إلى ستة خطوط إنتاج وأكثر من 60 عاملا وعاملة، ويصل إنتاج المصنع من الملبوسات الصوفية الشتوية إلى أعلى المستويات من ناحية التصميم والجودة والموديلات المتطورة، وكان عمل المصنع على مدار الساعة طيلة أيام السنة، وإنتاجه لا يكفي حاجة السوق، وخلال العام 1995 وحتى نهاية 1997 يتمكن طارق سقف الحيط من التصدير إلى السويد بشكل مباشر، والى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مباشر.
لكن، وبعد فتح الباب على مصراعيه، وبدون ضوابط، أمام الاستيراد، تم إغراق السوق الفلسطيني بالملبوسات المستوردة رديئة الجودة وخاصة من الصين، وبالتالي أصبح المصنع يعاني من عام 1999 ووصل الأمر في العام 2000 إلى وجود خسائر، ليبدأ التفكير بإغلاق المصنع، لكنه عاد عن تفكيره، بعد أن لاحظ أن طاقم العمال سيكون في وضع حرج، ولن يتمكن غالبيتهم من العثور على فرص عمل أخرى، خاصة في ظل الإغلاق المحكم لمدينة نابلس والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لها، والظروف الصعبة التي يعيشها عموم الوطن، ويقرر – وكان القرار صعبا جدا - استمرار العمل في المصنع رغم الخسائر، ولسان حاله يقول: "كما وقف عمالي إلى جانبي في أيام الرخاء، فقد جاء دوري لأقف إلى جانبهم في أيام الضراء". ولا يزال المصنع مستمرا بالعمل حتى اليوم، ولكن بطاقة إنتاجية تصل إلى 40% وبعدد عمال يصل إلى 30، فيما يشكل السوق "الإسرائيلي" المستهلك الأول والوحيد لمنتجات المصنع.

مكتب للاستشارات التجارية ..
وخلال فترة العمل في المصنع، وخاصة في سنوات الشدة، بسبب ظروف الاحتلال والبضائع المستوردة، واستحالة المنافسة، يشرع سقف الحيط بإيجاد البدائل، معتمدا في ذلك على خبرته التي اكتسبها والشهادة التي حصل عليها، فيقوم في
العام 2003 بتأسيس مكتب هندسي ومكتب للاستشارات التجارية وخدمات الشحن والتخليص، ليصبح هذا المكتب فيما بعد، من أكبر وأهم المكاتب على مستوى الوطن، من حيث بنيته التحتية وحجم ونوعية خدماته لأصحاب العلاقة، ليعتمد عليه كبار رجال الأعمال الفلسطينيين.
ومنذ بدايات عام 1990 وحتى الآن، خاض سقف الحيط، العديد من التجارب في مجال العمل بالمؤسسات الممثلة للقطاع الخاص، ومنها اتحاد الصناعات النسيجية حيث كان أحد أعضاء مجلس إدارته، ومركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" وكان كذلك أحد أعضاء مجلس إدارته حتى عام 2010،ومجلس الشاحنين الفلسطيني كأحد أعضاء مجلس إدارته حتى الآن .
 وحاليا يمثل "بال تريد" في لجنة السياسات العمالية ولجنة الحوار الاقتصادي الاجتماعي والحد الأدنى للأجور وهي لجان على مستوى الوطن، وكل ذلك لقناعته بأن رجل الأعمال الفلسطيني وكما أنه استفاد من عمله الخاص، فإن عليه واجب وطني يتمثل بتقديم ما يستطيع من الخبرة التي اكتسبها لخدمة بلده ووطنه.
ولا يتوقف طارق سقف الحيط عن تلقي المزيد من المعلومات، حتى وهو في أوج خبرته، فيدخل العديد من الدورات وورشات العمل المحلية والخارجية ، المتعلقة بمختلف الجوانب ذات العلاقة بطبيعة عمله الخاص والمؤسسات الممثلة له، وخاصة في المجالات الفنية والإدارية والمالية والقانونية. وحين سألنا سقف الحيط عن طموحاته، قال بأنه لا يطمح حاليا سوى للعيش بكرامه في وطن مستقر سياسيا واقتصاديا، حتى يعيش أبناؤه والأجيال القادمة حياة حرة كريمة، مثل بقية أبناء كل شعوب العالم.

بطاقة شخصية:
الاسم: طارق زياد صبحي سقف الحيط
تاريخ الميلاد: 17/4/1964
مكان الولادة: نابلس
المؤهل العلمي: بكالوريوس هندسة مدنية
الحالة الاجتماعية: متزوج من السيدة رباب ممدوح حلبوني، ولديه من الأبناء خمسة: زياد 23 عاما، أحمد 21 عاما، أسيد 19 عاما، زين 13 عاما، وداليا 9 أعوام.

طارق سقف الحيط .. الجانب الآخر:


- ما هي هواياتك؟
الإطلاع على كل جديد في مختلف العلوم.
- ما هي أبرز المحطات الصعبة التي مررت بها؟
بداية تأسيس مصنع النسيج في العام 1992 .
- ما هي أجمل لحظة في حياتك؟
حين رزقني الله بأول مولود "زياد".
- ما هي أكثر لحظة حزن مررت بها؟
وفاة خالي نبيل سقف الحيط "أبو جميل" رحمه الله قبل حوالي عامين.
- كيفي تمضي وقتك بعيدا عن العمل؟
فقط مع العائلة، سواء داخل البيت، أو في بعض الرحلات الداخلية.
- ما هي نصيحتك للجيل الشاب؟
التسلح بالعلم، وحب الوطن.
- ماذا كنت تحلم عندما كنت طفلا؟
أن أكون طبيبا جراحا.
- ما هي الجوانب التي يعتقد الآخرون أنها سلبية في حياتك وما هي الجوانب الايجابية؟
الجانب السلبي أن لدي مركزية شديدة في الإدارة، أما الايجابي فهو أنني عاطفي بنسبة عالية، وانني اعترف بالخطأ واعتذر إن لزم الأمر .
- هل تتابع الرياضة؟ من تشجع من الفرق؟
نعم، وأنا من مناصري ريـال مدريد، علما بأنني أعترف علنا بأي خطأ يقع فيه.
- ما هي ضريبة النجاح؟
مضاعفة الجهد للحفاظ عليه.
-      نابلس ماذا تعني لك؟
بكل صدق، نابلس تعني لي كل شيء جميل ، وهي قلبي النابض بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
- ما هو أول شيء تقوم به عندما تصحو من النوم؟
التركيز بما هو مطلوب مني في ذلك اليوم، ثم الاغتسال، وبعد ذلك، تناول الإفطار مع الزوجة.
- كيف تختار أصدقائك؟
اعتقد بان الاختيار يجب أن يراعي مدى الصدق والتضحية عند الشدائد .
- هل تتبع نظاما غذائيا معينا؟ ما هي أكلتك المفضلة؟
أحاول تناول الأغذية المتوازنة من حيث العناصر الأساسية وابتعد عن الضار منها ، وأكلتي المفضلة السمك وكذلك الملوخية.
- ما الذي تعنيه المرأة لك؟
النصف الأول.
- هل تتابع الأغاني والموسيقى؟ من هو مغنيك المفضل؟
نعم، وأفضّل سماع أم كلثوم.
- ما هو شعارك في الحياة؟
العدالة المطلقة في رحاب الرحمن.

* المصدر: ملحق "حياة وسوق" في صحيفة الحياة الجديدة

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد