فسحة للرأي

عمرو خالد.. السقوط إلى الهاوية!

|
عمرو خالد.. السقوط إلى الهاوية!

كتب - محمد الصنهاوي *

كانت مواقف الداعية الإسلامي عمرو خالد بعد ثورة 25 يناير، وحتى انقلاب 3 يوليو صادمة لجمهوره ومحبيه، فالداعية المصري الذي عُرف عنه تجنّب الحديث في السياسية لم يلتزم الصمت كما جرت العادة، فكانت بداية مواقفه عندما رفض تأييد مرسي ووصف الانتخابات بينه وبين شفيق بالفتنة!!.. وقال: إنه سيعتزل الفتنة كما فعل بعض الصحابة، ثم عندما جاءت الفتنة الحقيقية وقف مع النظام الانقلابي، وظهر عمرو خالد مرتين، كانت الأولى في مقطع فيديو مسجّل بثّه جهاز الشؤون المعنوية التابع للجيش، حيث قام  بالتحريض على قتل المتظاهرين وإباحة دمهم، وكانت الثانية عندما صوّره التلفزيون المصري وهو يشارك في استفتاء “الدم” الذي عقدته سلطات الانقلاب.

عمرو خالد الذي نجح في العمل الدعوي، وفشل في العمل الاجتماعي، وسقط في العمل السياسي، كان من أبرز معارضي مرسي خلال فترة حكمه، واتخذ مواقف صريحة ضد الدستور المصري، وقام بتأسيس حزب سياسي اسمه “مصر”، واستقال من رئاسته بعد الانقلاب مباشرة، ولم يفهم أحد حتى الآن أهداف هذا الحزب!!

ربما شكّل موقف عمرو خالد صدمة لمن كان يرى هذا الداعية خلف شاشات التلفزة يتحدث عن الأخوة والتعايش والمحبة، ثم يفاجىء به يؤيّد انقلاباً دموياً بهذا الشكل غير الأخلاقي، لكن المقربين من عمرو خالد والعارفين بمناقبه وصفاته لم يفاجأوا كثيراً بهذا الشخص، الذي كان في يوم من الأيام عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، ويبدو أن عمرو خالد الذي درس المحاسبة قد تعلم من تخصصه حساب الأمور بميزان المصالح والانتهازية، لا بميزان الأخلاق والمبادئ.

ما ظهر في تعامله منذ ظهور كداعية، وحتى تحوّله إلى تاجر “دعوة”.. نعم تاجر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فعمرو خالد منذ أصبح داعية يرفض أن يعطي أي درس ديني بشكل مجاني، حتى لو كان ذلك في المسجد!!.. ويشترط من أي جهة توجّه له دعوة لإعطاء محاضرة الحجز له على درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى!!.. كما أنه لا يقبل الإقامة بفندق أقل من خمس نجوم!!.. حتى لو كان الطرف الداعي جهة خيرية، أو جمعية لا تستطيع تحمّل تكاليف هذه الشروط!!.. وأما النقطة الإيجابية التي كان تُحسب له بمحاولة استقطاب طبقات الفنانين والأغنياء، وهي الطبقة التي يُصعب عادةً على الدعاة اختراقها، تبيَن أن هدفها استغلال وإنشاء علاقات مع هذه الطبقات  من أجل تمويل مشاريعه الخاصة .

ومما يعرفه المقربون منه، أنه إضافة إلى انتهازيته وبحثه عن مصالحه الشخصية، أن شخصيته تتصف بالجبن الشديد، فقد قام عقب الانقلاب مباشرة بالاستقالة من الحزب الذي أسسه أيام مرسي، لأنه لا يريد أن يدفع ثمن أي موقف سياسي يتخذه حزبه، كما أن سيرته قبل الثورة المصرية، وأثناء انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين مليئة بالأمثلة التي تدل على جبنه، نكتفي بواحدة منها، حيث روى لنا أحد الدعاة من الإخوان أنه طلب لقاءه، فما كان من عمرو خالد إلا أن استغل قيام الشيخ بلعب الكرة بشكل أسبوعي، وقام بارتداء زي رياضي والذهاب إلى الملعب من أجل لقائه، خشية أن يكون تحت المراقبة!!

لقد أثار عمرو خالد الجدل في عديد من الأمور، حيث اقتحم عالم الفتوى، وهو مجرد محاسب لا علاقة له بالعلم الشرعي على الإطلاق، وأقحم نفسه في كثير من الأمور، التي نُصح بأن لا يتدخل فيها، وكان من أبرز الناصحين العلامة يوسف القرضاوي، الذي أرسل له رسالة ينصحه فيها بعدم زيارة الدنمارك، لإساءتها إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وعدم الدخول في مجال الفتوى، ولكنه لم يستجب لأية واحدة منها!!

إن حقيقة عمرو خالد، التي انكشفت، تقتضي منا، أن نكشف للقراء، الشخص الذي يقف وراء عمرو خالد، وهو “الأب الروحي” له، وهو المهندس محمد يحيى، الذي كان يعمل سابقاً رئيساً لجهاز التخطيط في جماعة الإخوان المسلمين، ولكن يحيى المعروف بتوّرم الذات والغرور، ترك الجماعة بسبب مشاكل وخلافات إدارية وتنظيمية. وبعد أن تركها، فجر في خصومته، لدرجة أنه “نصح” أحد ضباط جهاز مباحث أمن الدولة بأن الطريقة الأنسب للقضاء على الإخوان هي اعتقال النساء، لأن قوة التنظيم في النساء، أكبر منها في الرجال!!.. كما أن المهندس المقيم في بريطانيا، أيّد الانقلاب بشكل صريح، وقام بإرسال هدية للسيسي!!.. فإذا كان هذا هو “الأب”، فكيف تكون أخلاق الإبن؟!.. إن تأثير يحيى على عمرو ليس تأثيراً رمزياً فحسب، بل هو المهندس الحقيقي لمشاريعه، فهو رئيس مجلس أمناء “صناع الحياة”، ويدير هو وعمرو العديد من الأعمال التجارية المشتركة!

يبقى أن نقول: إن أحد أهم إيجابيات “الثورات العربية”، التي اندلعت منذ ثلاثة أعوام ونيف، أنها كانت “الفاضحة”، فهي التي كشفت خبث كثير من الأعلام العربية في شتى المجالات، وكان منهم عمرو خالد، الذي كان حتى بدايات الثورات، يحظى بشعبية جارفة في أوساط الشباب خصوصاً، ولكنه سقط في “الاختبار” سقوطاً مدوياً، من القمة إلى الهاوية!

* كاتب مصري

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد