الزاوية الاقتصادية

المنتج الوطني والطابور الخامس (كتب - طارق ابو الفيلات)

|
المنتج الوطني والطابور الخامس (كتب - طارق ابو الفيلات)

كتب - المهندس طارق ابو الفيلات *:  لم نعلن نحن الحرب على المنتجات الدخيلة من صينية وإسرائيلية لكننا اعلنا النفير دفاعا عن منتجاتنا الوطنية الفلسطينية وهناك فرق كبير بين اعلان الحرب وإعلان النفير دفاعا عن مستهلكنا وعمالنا ومصانعنا واستثماراتنا واقتصادنا الوطني الفلسطيني,فنحن كنا وما زلنا في حالة دفاع مشروع عن النفس والوجود في حرب فرضها علينا قرار متسرع باعتماد اقتصاد السوق الحر المر دون تهيئة الظروف وإعداد الخطط التي تمكن صناعتنا من التكيف مع مثل هذا القرار,حرب فرضها علينا قرار باللهاث غير المبرر وغير المفهوم وراء الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بالرغم من كل الاصوات التي تدعو إلى التريث.
بدأت حرب الدفاع عن المنتج الوطني. وككل حروب هذا القرن وانسجاما مع اساليب الغاية تبرر الوسيلة اكتشفت ان هناك طابورا خامسا بين ظهرانينا وان هناك بيننا من المرجفين الذين يحاولون بكل وسيلة ممكنه ان يشككوا في منتجنا الوطني وان يغرسوا في الاذهان مفهوم "الافرنجي برنجي" وان البون شاسع بين ما نستورد وبين ما نصنع وان المواطن من مصلحته ان يشتري سلعه مستوردة لأنها اجمل او افضل .
نماذج كثيرة من المنتفعين تطوعت لتكون ضمن الطابور الخامس تسيرهم مصالحهم وأحسن الظن بهم فلا اتهمهم ان هناك من جندهم لكنها شهوة الربح وغريزة الطمع والبعض لعب هذا الدور عن غير قصد وبحسن نية نتمنى ان يعود إلى رشده ويكفر عن خطاه.
الطابور الخامس في حرب المنتج الوطني انبرى لي عندما دافعت عن صناعة الاحذية يردد انه يخدم المستهلك بسلعة رخيصة الثمن فلما صرخ المستهلك مستغيثا من استنزاف امواله وخوفه على صحته وصحة ابنائه من احذية مصنعة من اسوا مواد خام مكررة معالجة كيمائيا يداو يشيعون ان تقنين الاستيراد سيحدث حالة من الاحتكار وسيحرم المستهلك من بعض السلع التي لا بديل لها فلما رفعنا شعار نستورد مالا نستطيع صنعه خرج علينا احدهم على الهواء مباشرة يقول انتم لا تفهمون بالسياسة الخارجية فبفضل اغراق السوق الفلسطيني بنفايات الصين انتشر اسم فلسطين وعرفه الصينيون وهذا يخدم قضيتنا السياسية,ولما وصلنا لمرحلة من الانتشار في شرح قضيتنا وتبصير المستهلك بجودة صناعتنا واعتدال اسعارنا تحول الامر إلى التهديد والوعيد والسب والقذف بل قال احدهم "ان لم يسكت سنسكته".
ولما توسع ميدان النزال واتسعت جبهة القتال لندافع عن كل ما هو منتج فلسطيني خرج علينا مجند في الطابور الخامس ليقول مستهزئا عن اي منتج وطني تتحدثون ومعظم المواد الخام مستوردة وابتسم كأنه وجه ضربة قاضية فلما ذكرناه ان سويسرا الدولة الاولى عالميا في تصنيع وتصدير الشوكولاته وليس فيها شجرة كاكاو يتيمة وان المنتج المحلي هو الذي نال بركة المرور على الايدي الفلسطينية الطاهرة في مراحل تصنيعه اسقط في يده وبدا يبحث عن ارهاصات جديدة لا تقنع اي طفل فلسطيني .
احدهم اقسم ان مصانع الالبان لا تستخدم إلا حليبا مجففا فلما ردت عليه اضرع ابقار فلسطين قال لا رقابة ولا فحص للمنتج فلما ثبت ان عينة تؤخذ كل نصف ساعة من كل خلطة اقسم ان بعض مصانعنا تضع عينات من المنتج الدخيل لإرسالها للفحص فلما علم بأمر الفحوصات الفجائية قال انت تلعبون. هل حبة بوظة تبني لكم اقتصاد وطنيا ؟
محاولا تسفيه الجهد وتسطيح الامر.
عندما القيت كلمة الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية نيابة عن اخي صقر الجراشي رئيس الاتحاد العام وذكرت اسماء بعض المنتجات الوطنية على سبيل المثال لا الحصر اشاع المرجفون انني جاملت وقبضت الثمن ولم ينف عني هذا الاتهام إلا ان كلمتي كانت مكتوبة ومنشورة اليكترونيا قبل شهر من الحدث على شكل مقال عنوانه"لو لبس غادي سروالا صنع في انجلترا لما استقلت ألهند ".
الموقف الاطرف عندما خضت موقعة الحذاء العسكري الصيني فقبل ان اطلق قذيفتي الاعلانية الاولى حاورت الكثيرين بهذا الشأن واحد المنتفعين اقسم انني كنت انتعل حذاءا صينيا وانأ اخوض هذه الموقعة لكن لطرافة الموقف اكتفيت بعدم الرد.
خلاصة الامر اننا نخوض حربا ولا نتنزه,والحرب تحتاج إلى عدد وعتاد,مال ورجال,تخطيط وتنفيذ ورسم سياسات,وهذا والله كثير وصعب إذا تصدينا له فرادى ولكنه والله سهل ويسير إذا تصدينا له جميعا ولنبدأ بإسكات المرجفين اصحاب المصالح الخاصة والأمر سهل فقط لا نستمع اليهم .
حرب المنتج الوطني ان كسبناها ننتصر في معركة البطالة ونفوز في حربنا على الفقر والجهل ونسد ابواب الانحراف والجريمة ونبني اقتصادا قويا يمكن ان يطعمنا إذا تأخر المانحون عشرة ايام في دفع ألرواتب
هي حرب اذا و صناعتنا هي حصننا واذكر مرة ان عسكريا قال:
"ان الدفاع عن حصنك ومنع الاعداء من اسقاطه اهون الف مرة من استعادته إذا سقط".
اللهم فاشهد,اللهم فاشهد.


* رئيس اتحاد الصناعات الجلدية الفلسطينية
عضو مجلس ادارة الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد