عتب كبير.. كبير جدا .. أرفعه لمفوض العلاقات الدولية في حركة فتح الدكتور "نبيل شعث"، على إتاحته الفرصة لمرافقيه للتحدث عبر رقم جوالة الخاص (مرحبا الدكتور باجتماع، مين حضرتك، وسأبلغه باتصالك في وقت لاحق، في كل اتصال يفاجأ المتصل بهذا الجواب)، هذه المقولة يتحدثون بها مرارا للمتصلين .. ومن خلال الاتصال أيضا الكلام المتعجرف الذي لا يرتقي إلي الحديث الراقي والراقد، أذن كل هذا يحدث تحت عناوين صارخة مستفزة تقول بعضها للمتصلين لا تعاودوا الاتصال مرة أخري "!
الدكتور "نبيل شعث"، أعرف أن مشاغلكم وهمومكم كثيرة وأنكم في وضع لا تحسدون عليه فالتركة ثقيلة والرياح المعاكسة تعصف بوطننا والمنطقة في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية معقدة وصعبة. "صديقكم من صدقك القول"، فلا خير في أمة إن لم ينصح رجالها و شبابها وعقلائها حكامهم، ولا خير في حكام إن لم يستمعوا لنصح رعيتهم. وحتى لا أطيل عليكم سأطرق المقال دون مقدمات.
أنا غاضب وحزين: كيف يسمح لهذا او ذاك ان يتحدث بهذه الكلمات على أهواه وأمزجته، أن هذا الفعل يسيء أولا للحكومة الفلسطينية التي هي أساسا وجدت من اجل ان تلبي احتياجات المواطن الفلسطيني علي حدا سواه وثانيا يسيء لشخصكم الكريم لان رقم هاتفكم النقال يعرفه مواطنين كثيرون في قطاع غزة وهم علي أمل الاتصال بكم لتلبي لربما بعض استفساراتهم اواحتياجاتهم الخاصة وكما تعلمون ان كوادر وابناء حركة فتح في قطاع غزة يتصلون بكم للاستفسارات ولربما تكون أهداف المتصل هو الاطمئنان عليكم.
منذ عقد ونصف وألسنة الخاصة والعامة تتداول كلمة "الآخر"،. وكأن الآخر هو كائن على عداء تاريخي مع السادة المرافقين، وآن الأوان أن نقبل رأيه، وكأننا حينما نقول "الآخر" إنما نريد انتقاص رأيه، أو التلميح بأنة مجرد إنسان لا يحق له الحديث مع قيادي بارز او سفير او حتى مرافق غفير (رأي آخر) مختلف تماماً.
وإذا كان احدي المرافقين يقول: "الصديق آخرٌ هو أنت"، فيمكنني أن أقول لهذا المرافق او ذاك: الآخر هو ظلك، هو الوجه الذي لا تراه في نفسك، هو المكمّل لرأيك، والمتمم لما تذهب إليه فكراً وعملاً.
في كل البلدان العظمى التي تجاوزت الكثير من معضلاتها ومشاكلها استطاعت أن تتحرر من احتكار الرأي المنفرد الضيق بـ"الآخر"، لأن تجارب الحروب والسنين المهلكة رسخت قناعة أساسية لديهم بأن الآخر هو شكل من أشكال تجلياتي أنا، تجلياتك أنت.
حينما نقترب من الآخر نصبح أقرب إلى ذواتنا، وأقرب إلى صقل آرائنا، بدلاً من العزلة والانكفاء على الذات الذي يحول الرأي إلى كتلة صماء لا يمكن تفتيتها أو تغييرها.
حينما نسمع الأساليب التي يتحدث بها السادة الزعماء آسف (المرافقين) عبر الهاتف التي تدّعي الاحترام والصدق مع المواطنين المتصلين ، نجدها- للأسف- أساليب رجعية من حيث الأسلوب والمضمون، يقوم به المرافقين تجاه هذا المتصل او ذاك الكادر الفتحاوي!
قال لي أخي العزيز" حسام زكي" الناطق باسم الخارجية المصرية سابقاً، ذات يوم وأنا أحادثة عبر الجوال: الأنا والآخر تجدها في الدول المتقدمة، بينما تسير في الرصيف محجبة مسلمة، تسير بجوارها امرأة تقللت من ملابسها، ولا يعترض أحد على أحد.
هذه هي الآراء التي يكمل بعضها بعضاً، ولولا مرور المحجبة على رصيف تلك الدولة لما انبهر الناس بالمساحة التي يتحرك فيها الآخر المختلف مهما كان دينه، أو لونه، أو جنسه.
إنها معادلة التسامح الكبيرة والصدق الناجح وليس الكذب و التي نجحت فيها أوروبا بعد محاولات دامت قروناً، فهل يمكننا الوصول إلى هذا المستوى. خاصةً من قبل مرافقي السادة الشخصيات القيادية فكراً وثقافةً؟!