فسحة للرأي

أربع بدائل (خيارات) إستراتيجية لإسرائيل مقابل الفلسطينيين

|
أربع بدائل (خيارات) إستراتيجية لإسرائيل مقابل الفلسطينيين

 ترجمة: صالح ثابت

4/2014 – عاموس يدلين  / مركز ابحاث الامن القومي / INSS
مقدمة:
هناك فترات في حياة الأمة والتي تتطلب تجميد الوضع القائم والانتظار حتى يتضح الوضع من الناحية الإستراتيجية، وعدم اتخاذ إجراءات مصيرية، وهناك فترات تتطلب اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بمستقبلها وحدودها، ومن أجل أن نبحث أين توجد إسرائيل اليوم من هذه التحديات ونحن في 2014 علينا أن نبحث الواقع ومن الناحية الإستراتيجية طويلة الأمد ونسأل ما هي الأهداف الإستراتيجية لدولة إسرائيل، وما هي الخيارات والبدائل التي أمامها من أجل تحقيق هذه الأهداف.
الأهداف الإستراتيجية لدولة إسرائيل:
1. دولة يهودية ديمقراطية، وضمان الغالبية لليهود وبدون المس بأسس المساواة والديمقراطية وحقوق الأقليات، لأن دولة إسرائيل أقيمت أصلاً لتكون البيت القومي للشعب اليهودي.
2. دولة متطورة وتعيش بسلام مع جاراتها، ولذلك أي اتفاقية يجب أن تمنح لإسرائيل الحق للدفاع عن مواطنيها، وحتى لو كانت المسؤولية تقع على عاتق القوات الفلسطينية. 
ولذا على إسرائيل العمل على تخفيض الضغط الدولي عليها من خلال العمل على تخفيف الأسباب الرئيسية لانتقادها من قبل دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.

البدائل والخيارات الممكنة أمام إسرائيل:
أ‌- اتفاقية سلام بمقاييس كلينتون... وهو الخيار المفضل لغالبية الإسرائيليين والوصول لاتفاق "دولتين لشعبين" حسب خطة كلينتون سنة 2000، واقتراح رئيس الوزراء أولمرت لأبو مازن بـ2008 والتي تتحدث عن نهاية الصراع واتفاقيات أمنية طويلة الأمد، وخلال هذه الاتفاقية الفلسطينيين يتنازلون عن حق العودة للاجئين ، وتقسيم القدس على أساس حدود 1967. بالمقابل تحصل إسرائيل على الأمن مقابل تنازلها الصعب (حدود 1967 كأساس للتفاوض دولتين لشعبين، والتواجد الفلسطيني بالقدس).
ولكن الإسرائيليين غير واثقين بأن الفلسطينيين سيتنازلون عن حق العودة واعترافهم بدولة إسرائيل كدولة قومية لليهود، وكذلك الإسرائيليين غير واثقين بأن أبو مازن سيوافق على المصالحة بأربع مواضيع:
الدولة اليهودية – اللاجئين – الأمن – القدس، وعبر أبو مازن عن رفضه حول هذه المواضيع بعد عودته من لقاء أوباما، وحتى لو لين موقفه بسبب الضغط الأمريكي للموافقة على الورقة الأمريكية فإنه سيلقى معارضة قوية من قبل المجتمع الفلسطيني كله، وخاصة في غزة الواقعة تحت سلطة حماس والذين أكدوا بأنه لا يملك الصلاحية لاتخاذ قرارات تتعلق بمصيرالشعب الفلسطيني.
ولذا أمريكا حاولت العمل على جسر الفجوات بين الطرفين من خلال طرح الخطة الأمنية المقبولة على الطرفين والتي ستقود إلى تعبيد الطريق والتقدم بالمواضيع الأخرى المختلف عليها وخاصة الحدود، وحتى الخطة الأمنية المطروحة لم يتم التوافق عليها بين الطرفين لذلك وزير الخارجية الأمريكي خفض مستوى أهدافه من اتفاقية نهائية لاتفاقية إطار ثم كأساس لإطار والغير موقع عليه من الطرفين، وذلك من أجل إطالة فترة المفاوضات وحتى هذه الورقة رفضت من قبل الفلسطينيين.
ب‌- اتفاقية سلام بالشروط الفلسطينية
القيادة الفلسطينية تريد موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها وبدون التنازل عن حق العودة، وعدم وجود أي قوات إسرائيلية داخل حدود الدولة الفلسطينية وبدون الاتفاق على نهاية الصراع وعدم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والقيادة الفلسطينية لا تثق بأن نتنياهو ينوي بالحقيقة الاتفاق على دولة فلسطينية وتحديد حدود دولة إسرائيل على أساس خط 1967 مع تبادل للأراضي وتقسيم القدس لتصبح القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين.
لا يمكن الموافقة بدون التنازلات الفلسطينية المطلوبة وحينها إسرائيل ستدفع ثمن غالي بعدم حصولها على أي مقابل ، والفلسطينيين سيحصلون على الكثير من أهدافهم وإسرائيل تبقى بدون سلام ولا أمن، ولهذا إسرائيل تفضل مواجهة المخاطر بعدم الوصول لاتفاقية على القبول للشروط الفلسطينية.
عدم التوصل للسلام (الوضع القائم)
عدم التوصل لاتفاق والإبقاء على الوضع القائم، وهذا الوضع سيتطور حسب المعطيات بالمنطقة ولن يبقى كما هو عليه، ومما لا شك فيه بأن الطرفين سيحاولان عمل تغييرات لخدمة أهدافهم.
ج- الخيار الفلسطيني (تغييرات مضرة لإسرائيل).
إسرائيل تعلم بأن استمرار الوضع القائم سيقود إلى نتيجة مفادها الدولة الواحدة، وهذا يكون خطر على هويتها اليهودية الديمقراطية، وتطورات أخرى إذا فشلت المفاوضات وإضعاف السلطة الفلسطينية أو انهيارها وتوقف الإتحاد الأوروبي لدعم مشاريع السلطة الفلسطينية مما يلقي بالمسؤولية على إسرائيل لوحدها، وحسب وجهة النظر الأوروبية طالما لا يوجد اتفاق بين الجانبين ستكون إسرائيل المسئولة عن السكان الذين تحت سيطرتها، وهناك علامات بالشارع الفلسطيني تتجه نحو التأييد لاستخدام العنف ضد إسرائيل كما حصل بسنوات الثمانيات وبداية الألفين (انتفاضة سياسية)، مما يؤثر على التعاطف الدولي اتجاه إسرائيل في العالم الغربي.
هذا عدا عن التوجه الفلسطيني لهيئة الأمم ومؤسساتها الدولية من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، وبالرغم من الضرر الذي سيقع على إسرائيل من هذا التوجه ولكن لا يعتبر بأنه الخيار أو البديل الأسوأ وممكن الصمود والمواجهة.
ولذا على الإسرائيليين التمييز والاختيار من بين هذه البدائل المتاحة اتفاقية بالشروط الفلسطينية أو إبقاء الوضع على ما هو عليه الذي سيقود حتماً للقضاء على فكرة الدولة القومية اليهودية وذلك:
1. من الناحية الديمغرافية - سيكون عدد العرب ما بين النهر والبحر أكثر من اليهود.
2. التكنولوجيا – الفجوات بين إسرائيل وأعدائها يتقلص وخاصة فيما يتعلق بخطر الصواريخ، وهذا يؤثر على قوة الردع الإسرائيلية.
3. الشرعية الدولية – تعتبر إسرائيل صاحبة المفتاح للاتفاق وطالما لم تقبل التوقيع على اتفاقيات السلام ستزداد العزلة السياسية والدولية عليها.
بالفعل الواقع معقد ومركب جداً... التهديد الديمغرافي، ولا يمكن السيطرة على سكان قطاع غزة الذي انسحبت منه في 2005.
د- الخيار الإسرائيلي (تغييرات لمصلحة دولة إسرائيل)
على إسرائيل البحث عن بديل آخر وخاصة أن فرص الاتفاق مع الفلسطينيين أصبحت ضئيلة، والبقاء على الوضع القائم دون تغيير سيضر بالمصالح الإسرائيلية. ولذا على إسرائيل أن تتقدم بخطة أو بديل آخر يرتكز على الدولة اليهودية – الديمقراطية المتطورة. وخطة كهذه ممكن أن تغير ليس فقط الواقع بل تغير حركة المفاوضات وتقوية الموقف الإسرائيلي والوصول للاتفاقيات.
وهناك فرضية أخرى سهلة بالنسبة للإسرائيليين وصعبة على الفلسطينيين، وهي الضغط على الجانب الفلسطيني لتغيير مواقفه والوصول لاتفاقيات غير مقبولة عليهم حتى اليوم، وحتى لا نصل لهذا الخيار فإن الطرفين يستطيعون الوصول لاتفاق فقط إذا كلٌ منهم أبدى مرونة للوصول للاتفاق النهائي.
يجب على إسرائيل بلورة خطة بالاعتماد على نفسها وتحديد حدودها
لذلك على إسرائيل بلورة خطة بديلة بالاعتماد على نفسها وتحديد حدودها من أجل خلق واقع جديد للوصول لحل الدولتين، وحتى بدون الاتفاق مع الفلسطينيين أو إعطائهم حق الاعتراض، وبالرغم من عدم ضرورة الموافقة الفلسطينية ولكن ممكن عمل تنسيق تكتيكي مع الجانب الفلسطيني من أجل تحمل المسؤولية على المناطق التي تخليها إسرائيل خوفاً من سيطرة جهات معادية لإسرائيل على تلك المناطق، وضمان عدم استنكار هذه السياسيات الإسرائيلية.
وأيضاً بالجانب الإسرائيلي من الصعب تبني هذه الخطوات من جانب واحد ومعارضة المجتمع الإسرائيلي لذلك وخاصة بعد تبني هذه الخطوات في غزة ولبنان، وهناك من ينظر لهذه الخطوة بأنها انسحاب. علماً بأن هذه الخطوة تعتبر تقدم نحو واقع أفضل لدولة إسرائيل وتقوي موقفها بخلق هذا الواقع الجديد وخاصة بالمفاوضات إذا تجددت، ولذا علينا أن نبحث من تجربة الماضي عن المآخذ والسلبيات والايجابيات باتخاذ خطوات من جانب واحد......
1. نستطيع تنفيذ هذه الخطوات فقط بعد أن نتقدم باقتراح لاتفاقية سلام وتعترف ويقر بها حلفاء إسرائيل بالعالم الغربي.
2. العمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي للحصول على الشرعية لاتخاذ هذه الخطوات الأحادية.
3. إبقاء قوات جيش الاحتلال على طول خط نهر الأردن لمنع تهريب السلاح والمخربين للضفة.
4. الإبقاء على منطقة ما لاستخدامها للمساومة بالمفاوضات المستقبلية النهائية مع الفلسطينيين.
5. التعامل بطريقة حكيمة مع المستوطنين الذين سيخلون المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل.
هذا الخيار أو البديل غير واقعي ولكنه أفضل من البديل الآخر (حسب الشروط الفلسطينية) للأسباب التالية:
أ‌. تحقق الهدف الإستراتيجي الإسرائيلي (دولة بغالبية يهودية) وتقليص السيطرة على المناطق الفلسطينية وتخفيض الضغط على الحياة الفلسطينية، وتقوية أساس الدولة اليهودية الديمقراطية، وضمان عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين لدولة إسرائيل وضمان الخطة الأمنيةالتي تحددها إسرائيل بشكل فردي.
وإذا تمت كل هذه الخطوات بالتنسيق مع العالم الغربي ستكون الحدود أكثر شرعية وتتقلص الانتقادات الدولية، والامتحان الحقيقي سيكون في التأييد الدولي لهذه الخطوات وخاصة حليفاتها من دول الغرب، وإذا الغرب لم يؤيد هذه الخطوات الأحادية يتطلب البحث عن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل من الناحية الداخلية، الأمنية والاقتصادية.
ب‌. كل مصالحة ستواجه بمعارضة داخلية من قبل المجتمع الإسرائيلي والسياسيين، وحسب الاستبيانات فإن ثلثي الشعب الإسرائيلي حتى الآن يؤيد فكرة حل الدولتين مع ضمان الأمن والسلام الحقيقي، وفي ظل غياب حل الدولتين علينا العمل على إقناع غالبية الشعب بالتقدم نحو الواقع الجديد (حل الدولتين) وبدون الاتفاق مع الفلسطينيين، وهنا على رئيس الوزراء وحكومته إقناع المجتمع الإسرائيلي على هذا التوجه والمصالحة المؤلمة وبدون ضمان أمنهم وإنهاء الصراع بشكل نهائي وهذا شبه مستحيل، وكذلك بغياب الاتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يجعل إسرائيل تتخذ خطوات أحادية الجانب، وهكذا لا يجعلهم يدفعون الثمن الكامل مقابل عمل اتفاق رسمي مع الفلسطينيين، وإمكانية التقدم نحو خلق واقع جديد، دولتين وبدون الارتباط مع الجانب الفلسطيني. 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد