فسحة للرأي

التلقين وصناعة حقد

د. رائد ناجي |
التلقين وصناعة حقد

بقلم - د. رائد ناجي:  قرأت عن قصص الفرقاء في هذا العالم  الشاسع بين الدول المجاورة لبعضها،وأحيانا بين  أبناء البلد الواحد،ولكني لم أرَ في التاريخ إلا في بلدنا "فلسطين" الكراهية المزروعة والمقصودة بين فصيل وفصيل،فأصبح في البيت الفلسطيني أخوة يحملون السلاح في وجه بعض ولقتل بعض،ان إرادة السماء أرادت ان تربطهم بدم واحد،ولكن إرادة الفرقاء تحرير هذا الدم من هذه الصلة ..ومخالفة قوانين السماء.
    لا عجب أن كل من يحدثني من أبناء حركة "ما" يحدثني بغل شديد ضد حركة أخرى ولكأنما عدوه اللدود الذي يسطو على بيته وأرضه وميراثه وعلى كينونته،ويدخلك في جدل عميق يتعصب لرأيه ليثبت موقفه الصائب ونظرته السوداوية ..المتعصبة التي تحمل بارود الحقد،لكن ما يشد دهشتي أن هذا المجادل يتكلم بغير هدي ولا علم،وأحيانا يستند إلى أخبار صحفية ممضوغة ألف مرة..ومكررة ألف مرة... حتى بات الطفل الصغير يحفظها عن ظهر قلب،وكبر معها طفل آخر .
  إن سياسية التلقين في "التعليم اليهودي" لكره كل ما هو غير يهودي مبرر جدا،فقط لكونه عدوا،أما أن تطغى "سياسية التلقين" في فصيل ما لكره أبناء بلده سابقة تاريخية..غريبة ومقيتة أيضا..وعار على هذا البلد الذي اجتباه الله ليكون مهد الرسالات ..التي تدعو إلى المحبة والإنسانية أن نلوث ترابه بالكراهية والحقد والقتل ...
تحدثت الى شاب صغير منحاز الى فصيل معين وهي "ولية نعمته" أيضا،وجدته ملقنا بطريقة مشوهة قائمة على ازدراء الطرف الآخر وتحقيرا لعقل هذا الشاب وإلغائه حيث تعلم أن يهرف بما لا يعرف لأنه  تعلم التطبيل على إيقاعات الملقنين،ولكأن الله خلق الأرض لهؤلاء المقنين،وكأن الله اصطفاهم  على البشر ..فاتخذوا مقولة "شعب الله المختار" سندا لهم، أن من يلقن ويمدرس للفرقة والقتل والفرقة هو أم شيطان لعين،أو صهيوني ..او عميل  ..ولا يبحث أبدا عن مصلحة الوطن ولا الشعب ...بل هو عدو ..فاتقوا الله في أجيالنا الفلسطينية أيها الملقنين ...
والأمر الأكثر خطورة أن جيل المُلقَنين "شبابنا"،أصبح لا يفرق بين الخائن والوطني، فتغيرت له المفاهيم الوطنية ...بل على العكس أصبح العميل وطنيا وأصبح الوطني عميلا وانطبق علينا قول مطر: ونسير مقلوبين حتى لا ترى      مقلوبة بعيوننا الأوطان
طبعا وتم إلغاء من ذهنية هذا الجيل كل ما يرمز إلى الوطن باستثناء تمجيد أسماء بعض الأشخاص والشخصيات،فهل أصبح الشخص "الفلاني" رمزا لفلسطين الزاخرة بمقدساتها وتاريخها ...العريق؟؟
لن نتعجب غدا اذا رأينا ان "فلان بيه" اصبح مقدسا اكثر من قدسية القدس ومسجدها الاقصى ومن الحرم الابراهيمي  ....ومن غيرها من المقدسات...ولا نتعجب اذا اصبح الفلسطيني يقاسم اليهودي زاده وبيته  ....ولن نتعجب اذا  ..ان يتم اختزال التاريخ الفلسطيني في شخصيات  مهترئة ...وخائنة  .....


أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد