الزاوية الاقتصادية

بالصور: في سهل البقيعة .. كف المزارع تصارع وحيدة «مخرز» الاحتلال!

|
بالصور: في سهل البقيعة .. كف المزارع تصارع وحيدة «مخرز» الاحتلال!

 اخباريات - رومل السويطي:  فيما تستمر سلطات الاحتلال ومعها جمعيات ومؤسسات وهيئات إسرائيلية واستيطانية متطرفة، بابتلاع المزيد مما تبقى من أراضي الأغوار الشمالية والتضييق على المزارعين، لا يزال هؤلاء المزارعون صامدين على ما تبقى من الأرض، ليس هذا فحسب، بل إن بعضهم ساهم في وقف المد الاستيطاني على أجزاء واسعة من الأراضي، حسب ما يؤكد سكان تلك المنطقة، ومنهم الشقيقان عبد الحكيم وعبد الناصر عبد الرازق أصحاب مزارع الفارعة والبقيعة الحديثة، والبالغة مساحتها أكثر من 1800 دونم، ويعمل بها العديد من المزارعين، إلى جانب عدد من العاملات والعمال.

استفزازات احتلالية لتهجير المزارعين
ويوضح عبد الحكيم عبد الرازق صاحب مزارع الفارعة والبقيعة لـ»حياة وسوق» ان سلطات الاحتلال لم تترك وسيلة قمع وتضييق إلا واستخدمتها لثني المزارعين عن زراعة وإعمار أراضيهم، وتقوم بين الفينة والأخرى، بطرد المزارعين من أراضيهم.
وأضاف ان جنود الاحتلال وصل بهم الأمر إلى حد إطلاق الكلاب على المزارعين لإرهابهم كما حصل مع المزارع زياد أبو خيزران الذي أصيب بجروح بعد مهاجمته من كلاب جيش الاحتلال خلال قيامه بسقي مزروعاته، ولم يكتف الجنود بذلك، بل قاموا باحتجازه في أحد المعسكرات يومين كاملين، موضحا ان الهدف من هذه الإجراءات اقتلاع الأهالي من أرضهم واحلال المستوطنين مكانهم.
وحول المشاكل التي يواجهها المزارعون في سهل البقيعة يؤكد ان المجاري التي تلوث الأراضي تزيد من معاناتهم، موضحا انه ورغم مطالبات المزارعين المتكررة بضرورة تحويل المجاري إلى منطقة «جسر الملائكة» إلا أن محافظة طوباس لا تزال ترفض ذلك.
ويشير عبد الرازق إلى أن العديد من المزارعين ترجموا محبتهم لوطنهم من خلال زراعة الأرض وعدم انتظار مساندة السلطة لهم أو أية جهات أخرى، موضحا ان أبناء المنطقة يؤمنون بالمثل القائل «ما حكّ جلدك مثل ظفرك».
وأضاف انه وجميع المزارعين يحلمون بدور حقيقي تقوم به مؤسسات السلطة، وحتى ذلك الحين سيستمرون في العمل تحت جميع الظروف. وقال انه بدأ العمل إلى جانب شقيقه في تأسيس مزارع الفارعة والبقيعة منذ أربع سنوات على مساحة 1800 دونم، موضحا ان الكلفة الإجمالية للبنية التحتية للمشروع الذي يديره مع شقيقه تجاوز الـ(ستة ملايين شيقل)، مؤكدا بأنه لم يتسلم أي شيقل من أي جهة كانت.
وقال: «أتحدى أي مؤسسة رسمية أو غير رسمية قدمت لي أي دعم أو مساندة حقيقية، سوى بعض المحاولات التي قام بها وزير الزراعة السابق وليد عساف الذي كان له دور ملموس في دعم المزارع خاصة فيما يتعلق بفتح السوق الأردنية وشق بعض الطرق الزراعية».
وأشار إلى أن عدد العمال الذين يعملون لديه بشكل دائم وطيلة السنة يبلغ سبعين عاملا وعاملة، فيما يرتفع عددهم في بعض المواسم ليصل إلى مئتين وخمسين، موضحا ان أجورهم لا تقل عن الأجور التي يقدمها أرباب العمل الإسرائيليين للعمال الفلسطينيين.
وقال ان مزارع البقيعة تقدم للسوق الفلسطينية كافة أنواع الخضار وتقاوي البصل «القنار» المخصص للزراعة، مشيرا الى ان أهم المنتجات هي البطاطا والبصل والبطيخ والخيار، وتغطي نسبة جيدة من أسواق الخضار المركزية في كافة محافظات الضفة، إضافة إلى ما يتم تصديره إلى الأردن، خاصة من المزروعات الجديدة وهي البطاطا الحمراء والجزر.
وفيما يتعلق بملف «البطيخ»، قال عبد الرازق انه تعرض لخسارة كبيرة تجاوزت المليون والـ600 ألف شيقل، بسبب امتلاء السوق الفلسطينية بالبطيخ الإسرائيلي.

الأراضي مسرح لتدريبات جيش الاحتلال
واستعرض عبد الرازق بعض المشكلات التي تواجه المزارعين، ومن أهمها التكاليف العالية لنقل المياه من الفارعة إلى منطقة البقيعة بخطوط ناقلة 25 كيلومترا، وجميعها كانت على نفقته الخاصة، دون تلقيه أي مساعدة، سواء في هذه الخطوط أو أي مجال آخر في البنية التحتية، سوى شق بعض الطرق الزراعية بجهود وزير الزراعة السابق وليد عساف.
وكشف ان الأراضي التي أقام عليها مشروعه الضخم كانت مسرحا لتدريبات جيش الاحتلال، موضحا انه لا يزال حتى الآن يعاني من استفزازات الجيش، رغم حصوله على أمر احترازي من المحكمة «العليا الإسرائيلية» بعدم التعرض له إلى حين صدور قرار قضائي نهائي.
وتساءل باستهجان وغضب: «ألا يستحق هذا المزارع الذي تمكن من وقف المد الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي على الأرض، الدعم والمؤازرة؟».
وأعرب عن غضبه من مطالبات السلطة للمزارعين بدفع الضرائب «بينما هي لا تقدم شيئا ملموسا لهم». وقال انه ملتزم بدفع الضرائب وكذلك جميع المزارعين، لكن، ينبغي أن يكون هناك دعم وحماية مقابل هذه الضرائب.
وأشار الى أن وزارة الزراعة كانت اتفقت معه على أن تدفع نصف ثمن أشتال البطيخ، بينما هو يدفع النصف الآخر، على أن تقوم الوزارة وكافة المؤسسات ذات العلاقة بحماية منتج البطيخ في السوق المحلية، لكن لم يحصل هذا على الإطلاق، وتعرض المحصول لخسارة فاقت المليون والـ 600 ألف شيقل، معربا عن أمله بأن تنفذ وزارة الزراعة وعودها بتعويضه عن هذه الخسارة.

«منتجات الاحتلال».. الخطر الأكبر
وأعرب عبد الرازق عن اعتقاده بأن من أهم العقبات التي تواجه المزارع في منطقة الأغوار عموما إلى جانب شح المياه في معظم مناطق الأغوار، عدم توفر سوق آمنة لمنتجاتها الزراعية، إضافة إلى شبه انعدام توفر سوق خارجية، مشيرا الى ان منتجات الاحتلال التي تغرق السوق الفلسطينية من أخطر ما تتعرض له الزراعة الفلسطينية.
وأكد وجود انخفاض واضح على إقبال المواطنين على معظم المنتجات الإسرائيلية، باستثناء المنتجات الزراعية التي ما تزال تملأ السوق الفلسطينية، مشيدا بالمحاولات التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية والشعبية لحماية السوق الفلسطينية من منتجات الاحتلال. وقال: «هذه المحاولات جيدة، لكنها بحاجة إلى تفعيل ومتابعة».
وشدد على ضرورة دعم الزراعة من خلال تخفيف تكاليف مدخلات الإنتاج، مثل الكهرباء والمياه والأسمدة والأدوية وأثمان البلاستيك، والأهم من كل ذلك حماية السوق من منتجات الاحتلال والعمل بكل الوسائل لإبعادها عن المستهلك الفلسطيني. وأشار إلى أن ارتفاع مدخلات الإنتاج أضعفت المنافسة الفلسطينية في الأسواق الخارجية.

أجور العمال لا تختلف عن أجور «المستوطنات»
وفيما يتعلق بوضع العمالة في منطقة سهل البقيعة، أكد عبد الرازق ان الأجور التي تقدم لهم لا تختلف عن الأجور التي يقدمها المزارع الإسرائيلي في المستوطنات، مشيرا الى انه في شهري نيسان وأيار يعاني المزارعون في سهل البقيعة من نقص كبير في العمالة، بسبب توجه العمال الى المستوطنات للعمل في كروم العنب بالأغوار، داعيا كافة المؤسسات الرسمية والشعبية إلى متابعة هذا الموضوع، وعمل حملات توعوية بين أوساط العمال لمنعهم من العمل في المستوطنات، خاصة أن الأجور التي يقدمها المزارع الفلسطيني هي ذاتها التي يقدمها المزارع الإسرائيلي.
وقال عبد الرازق ان السلطة تدعم المزارع في مناطق (بردلة وكردلة والزبيدات بمنطقة الأغوار الشمالية) في مجال الكهرباء وأثمان المياه، وتساءل: «لماذا لا يتم دعم البقيعة المحسوبة على الأغوار؟»، مشيرا الى انه في حال تم ذلك، فسيكون من شأنه تحسين الوضع الزراعي في شتى المجالات بما في ذلك تقوية المزارع الفلسطيني على منافسة الإسرائيليين وتطوير قدراتهم على المنافسة الخارجية. واختتم حديثه قائلا: «نحن هنا فعليا نصارع بأيدينا مخرز الاحتلال وحدنا، ونأمل من الحكومة ومن وزير الزراعة المحامي شوقي العيسة أن يقف الى جانبنا».

الزميل رومل السويطي يتحدث مع عبد الرازق في مكتبه وسط سهل البقيعة

الزميل رومل السويطي مع المزارع عبد الرازق الى جانب ماكينة فرز البصل

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: ملحق "حياة وسوق" / الحياة الجديدة

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد