الزاوية الاقتصادية

"التعليم البيئي": حوالي 11 مليون شجرة زيتون في فلسطين

|
"التعليم البيئي": حوالي 11 مليون شجرة زيتون في فلسطين عدسة عبد الباسط خلف

اخباريات:   أصدر مركز التعليم البيئي التابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في فلسطين والأردن، ورقة حقائق حول شجرة الزيتون وما يتصل بها من أرقام ودلالات وممارسات ومؤشرات لمناسبة اقتراب موسم القطاف، الذي حددته وزارة الزراعة في بدايات تشرين الأول القادم. واستهلت الورقة بالإشارة إلى الاسم العلمي للشجرة Olea europea، والتي تنتمي للفصيلة الزيتونية Oleaceae، وتُعمّر لآلاف السنين، وذات خشب قوي مقاوم للتعفن، بجذور فعالة وسطحية في غالبها، ومتجددة سنويً. فيما تبقى الأوراق على الشجرة بين سنتين إلى ثلاث لتتساقط بعد ذلك وتتجدد، وهي رمحية وسميكة جلدية، مغطاة بطبقة شمعية لتقليل فقد الماء، كما أنها  خضراء داكنة من الأعلى وفضية من الأسفل، أما الأزهار فصغيرة وبيضاء مُصفرّة فتخرج في نورات عنقودية من أباط الأوراق على نمو العام السابق، بينما الثمرة تتكون من جزء لحمي خارجي وجزء متخشب داخلي.

أصناف وميزات
وعددت أصناف الزيتون الفلسطيني، ومن أشهرها النبالي البلدي المتأقلم مع الظروف البيئية السائدة، ويمتاز بجودة زيته المرغوبة في الأسواق العالمية، وثمة أصناف أخرى كالصوري، والنبالي المُحسّن، ووأصناف مُدخلة مثل (المانزنيلو) و( كي 18). ومضت الورقة للإشارة إلى المناخ والتربة المناسبة للزيتون، الذي يتحمل ارتفاع الحرارة، ويحتاج للماء باعتدال، ويتحمل الجفاف، وينجح في المناطق التي يزيد معدل تساقط الأمطار فيها سنويًا عن 350 ملم. مثلما يتناسب مع أنواع الترب المختلفة، ويٌفضل التربة الخفيفة الغنية بالمادة العضوية والكلس والحصى، ولا يُفضل التربة الثقيلة التي تتشقق صيفًا. وأوردت أرقامًا تؤكد، وفق التعداد الزراعي الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء عام 2010 أن عدد أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية بلغت 7,596,562 شجرة، فيما قُدرت مساحة الأراضي المزروعة بـ 462,823,82 دونمًا. بينما يُقدر عدد الأشجار حالياً في الضفة الغربية وغزة  بنحو 11 مليون، حسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (وفا).
سيدة الأشجار
وقالت الورقة إن الزيتون يعد الشجرة الأولى في فلسطين، إذ يستحوذ على 67,3 % من أجمالي الأشجار والبستنة ( 88,2 في الضفة والباقي في غزة)، كما يعتبر في المقدمة على مستوى المحافظات بنسبة ( 71,6 % في الضفة و35,3 % في غزة). وأفادت بأن حجم المساحات المزروعة بالأشجار انخفضت عام 2011 إلى نحو 542 ألف دونم، بعدما كانت بين أعوام 1993-2008 تمثل  مليون و100 ألف دونم؛ بسبب عدم احتساب الزراعات المبعثرة، وعدوان الاحتلال والمستوطنين، وجدار الفصل العنصري. ففي عام 2011 تم الاعتداء على نحو (20600) شجرة مثمرة منها (17.227) شجرة زيتون، وخلال العام التالي جرى الاعتداء على (37089) شجرة مثمرة  (80%) منها أشجار زيتون.
وأكدت الورقة أن أشجار الزيتون تتركز في محافظات نابلس وجنين ورام الله والبيرة وطولكرم وسلفيت، وشكلت عام 2011 ما نسبته 66,8% من إجمالي عدد الأشجار. في وقت بلغ فيه عدد المعاصر 272 معصرة، تتراجع في السنوات قليلة الإنتاج إلى 203.
إنتاج متذبذب
وتابعت: تعطي أشجار الزيتون ثمرها بعد 5- 10 سنوات من غرسها، ويتراوح معدل ما تنتجه الشجرة متوسطة الحجم بين 20-30 كيلو غرام من الثمر. وتمتاز الشجرة بظاهرة المُعاومة ( تبادل الحمل)، ففي السنة الأولى يكون الحمل غزيرًا وتسمى السنة بـ( الماسية)، وفي العام التالي يكون المحصول خفيفًا، ويطلق عليه ( شلتوني)، ويمكن التخفيف من هذه الظاهرة بالخدمة المناسبة من تقليم وري وعناية. ووفق الورقة، فإن عام 2006 شهد إنتاج 159 ألف طن زيت، مقابل 19 ألف طن فقط عام 2009. فيما تراجع عدد العاملين بالمعاصر من 1,995 عام 2006 إلى 611 عاملاً في العام الذي سبقه. بينما تنتج الأشجار 40 ألف طن جفت.
ممارسات إيجابية
وأشارت الورقة إلى الممارسات الزراعية التقليدية الإيجابية في التعامل مع الشجرة كاستخدام الأسمدة البلدية المختمرة، والحراثة السطحية، ومقاومة الأعشاب، والتقليم، وعلاج آفة ( عين الطاووس)، وطريقة القطاف المناسبة باستعمال الأيدي والأمشاط البلاستيكية، وجمع الثمار المتساقطة قبل موسم القطاف (التي تعرف بالجول) وفصلها عن باقي المحصول. وعددت استخدامات الزيتون التي تعتبر مادة أساسية لكل أسرة في المائدة وبأكثر من طريقة كالزيت والزيتون الأسود والأخضر، مثلما تستعمل في علاج أمراض جلدية عديدة، وتعد مكوناً أساسيًا في صناعة الصابون البلدي، وتدخل في الصناعات الخشبية اليدوية وإنتاج التماثيل الخشبية، والتي تسوق بشكل خاص للسياح الأجانب الذين يزرون مناطق فلسطين السياحية، كما تستخدم مخلفاتها (الجفت) لأغراض التدفئة.
وأعادت الورقة التذكير بالرمزية الكبيرة لشجرة الزيتون، التي تعبر عن صمود الشعب الفلسطيني وارتباطه بأرضه، وتعد عنوانًا للهوية الوطنية، بالرغم من استهداف الاحتلال والاستيطان للشجرة، واقتلاعها ومصادرتها، وإقامة الجدار حولها، والاعتداء على المزارعين، ومنعهم من الوصل لحقولهم، وسرقة ثمارهم، وحرق أشجارهم. وبينت الورقة أن زيت الزيتون يحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة وهي ضرورية جدًا لقدرتها على الحد من ارتفاع الكولسترول في الدم، كما انه يحتوي على فيتامينات خاصة تعرف بمضادات الأكسدة، ومركبات مثل "البولي فينول" التي تحد من الإصابة بارتفاع الكولسترول وتصلب الشرايين وأمراض القلب. مثلما أثبتت الفحوصات المخبرية احتواء زيت الزيتون الفلسطيني على النسبة الأعلى من الفنولات عالمياً.
مكانة وطنية ودعوات واجبة
وأوردت الورقة جهود مركز التعليم البيئي، الذي أطلق قبل 14 سنة، فكرة للتعبير عن مكانة شجرة  الزيتون في الثقافة الوطنية، عبر تنفيذ مهرجان الزيتون السنوي، الذي تحول إلى مهرجانات سنوية، انتقلت إلى محافظات أخرى، وصارت تقليداً يميز موسم الزيتون، وعلامة تكريم فارقة للمزارعين. وينطلق عادة، بالشراكة مع بلديتي بيت لحم ورام الله، ومركز السلام بمدينة المهد، والغرفة التجارية، ووزارة الزراعة، وهيئات أخرى. ويختار المركز انتهاء  مواسم القطاف  كل عام، موعداً لافتتاح الفعالية، التي يحتشد فيه الآلاف من المواطنين والمسؤولين والمزارعين في ساحة المهد، وميادين رام الله، فيما  يجري عرض منتجات الزيت والزيتون ومشتقاتها، وسط أجواء مفعمة بالأمل، بالتزامن مع فعاليات تراثية، وتكريم لفلاحين وناشطين.
واختتمت الورقة بدعوة ووزارة الزراعة والمؤسسات العاملة هذا في القطاع إلى الالتفاف حول المزارعين ودعمهم لغرس المزيد من الأشجار في مواسم الشتاء والربيع، وإرشادهم لتقليمها وحرثها، وعلاج آفة ( عين الطاووس) فيها، وتشجيع الأجيال الشابة على العودة إلى الأرض، والتوقف عن إهمالها، والكف عن استعمال الأساليب الخاطئة في القطاف كالعصي، وتجنب رش الأعشاب داخل الحقول بالمبيدات الكيماوية، أو التخلص منها بالحرق بعد جفافها، والامتناع عن الرعي الجائر. كما حثت على التخلص الآمن من مخلفات المعاصر المعروفة بـ(الزيبار)، خشية تلويث التربة والمياه الجوفية والبيئة عمومًا.
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد