فسحة للرأي

دولة رئيس الوزراء اول الممنوعين من السفر..

م. طارق ابو الفيلات |
دولة رئيس الوزراء اول الممنوعين من السفر..

 كتب - م. طارق ابو الفيلات*:  الأصل في كل فلسطيني ان يكون بريء الذمة وان يؤدي ما عليه لله أولا وللناس ثانيا وللمؤسسات والحكومة ولكل جهة يستفيد من خدماتها وهو على علم ويقين انه يشتري هذه الخدمات وان ملزم أمام الله بدفع الثمن وعدم تأخيره لسبب واحد وبسيط هو أن مطل الغني ظلم.

وقانا الله واياكم شر الظلم والظالمين.
لكن الدنيا يسر وعسر وفي فلسطين شاء العلي القدير ان تكون الدنيا عسر وعسر ولا اعتراض على قدر الله بل نرضى بما قسم وعزاؤنا أنه قال :وبشر الصابرين.
دولة رئيس الوزراء أعلن أنه سيطبق نظام براءة الذمة وان من عليه ذمة للحكومة سيمنع من السفر.
عندما يمنع الاحتلال مواطنا من السفر ننبري نعلن ان هذا إمعان في الظلم وتماد في التعسف وان حرية السفر حق أصيل وان الممنوع من السفر كالمسجون في سجن كبير ومعابر غزة تخبرك عن خيبة وانكسار من يغلق الأعداء باب السفر في وجهه.
انا مواطن فلسطيني اعمل في مستشفى خاص لم ادفع فواتير الكهرباء والماء لان الحكومة لم تدفع مستحقات المشفى ولم أتلق راتبي ,عفوا فانا مجرم يجب منعي من السفر.
أنا رب أسرة انفق على تعليم أبنائي الثلاثة في الجامعات واستدين ثمن الكتب لهم لان حكومتنا لا تستطيع تامين تعليم مجاني وقاموسها يخلو من مصطلح الدعم فعجزت عن دفع فواتير الكهرباء وفجأة ظهرت الحكومة وبيدها مفتاح السجن الكبير.
صناعتي تجاهلتها الحكومة عقود حتى غرقت في الطوفان الصيني ولحقت بنا الخسارة تلو الخسارة وتراكمت علينا الديون ومنها فواتير الكهرباء ولما قررت الحكومة ان تتجلى علينا كان قرار منع السفر.
عاطل عن العمل من سنوات استدين من هما وهناك لم تتذكرني الحكومة ولم تبذل اي جهد لخلق فرصة عمل لي ولما تذكرتني قررت منعي من السفر.
أعيل أسرة كبيرة براتبي الحكومي المتواضع ولدي ثلاثة خريجين عاطلين عن العمل بالكاد أطعمهم واكسوهم واطفي الكهرباء ليلا وانأ أدعو الله أن يلهم الحكومة فتعيد فتح باب التوظيف الذي أغلقته من سنوات لعلهم يكونوا من أصحاب الوظائف ويمكنني بعدها أن أبريء ذمتي.
انا مريض ومشافي الحكومة لا دواء فيها وأنا في حيرة هل ادفع فواتير الكهرباء ام اشتري الدواء الذي يفترض بالحكومة ان تؤمنه وتتجلى لي الحكومة مرة أخرى لمنعي من السفر.
التبرعات المدرسية الإجبارية تطلبها المدرسة كل يوم ويهان أبنائي على الميكروفون كل صباح  فاضطر إلى تأخير فاتورة الكهرباء لأصون كرامة أولادي في مدارس الحكومة.
كل صناعتنا تغرق في طوفان بضائع الصين وبضائع إسرائيل
ونستغيث بالحكومة لتقنين الاستيراد ولمنع البضائع الإسرائيلية لنأخذ حصتنا من السوق المحلي لنوقف التدهور ونجتاز الخسائر التي أجبرتنا على تأخير دفع الفواتير لعجز الحكومة عن تنفيذ قرارات حماية الصناعة التي في اتخذتها لحظة شجاعة ليزيد الحبر على الورق.
خلاصة القول ان الحكومة هي المدين الأكبر والمقصر الأكبر في الأداء وفي السداد وعجزها انعكس على الاقتصاد الفلسطيني كله وتقصيرها جعلنا مقصرين وما ضربت من الأمثلة هو غيض من فيض.
وأتساءل كيف ستعاقب الحكومة نفسها على الملايين المستحقة للمشافي؟
كيف ستعاقب الحكومة نفسها على الملايين التي أجبرتنا على انفاقها لشراء دواء الأصل أن توزعه علينا؟
كيف ستعاقب الحكومة نفسها على الملايين المتأخرة عليها للمقاولين والموردين؟
وعندما تتأخر الرواتب هل سنمنع الوزراء من السفر.؟
ابحثوا عن أسباب فقر الناس فتأخير دفع المستحقات مظهر من مظاهر الفقر والأسباب كثيرة وأولها البطالة التي خلقتها الحكومة عندما أغلقت باب التوظيف وبدلا من دعم الصناعة لاستيعاب الشباب سمحت بإغراق أسواقنا بما هب ودب من نفايات الصين.
وبما أن الحكومة غير بريئة الذمة بل هي المتخلفة الأولى عن تأدية حقوق المواطن وبما ان دولة رئيس الوزراء بصفته هو رأس الحكومة  ورمزها وحتى تصبح الحكومة بريئة الذمة أمام كل مواطن فلسطيني فدولته سيكون أول الممنوعين من السفر بقراره هو. وهو رجل نزيه عادل ويعرف أن القانون يطبق على الجميع.
بدل التهديد و الوعيد نريد خطة إنعاش تخلق ألاف فرص العمل والوظائف وساعتها ستنتهي ظاهرة التخلف عن السداد.
ولا يفوتني ان اكرر الدعوة لكل فلسطيني قادر لسداد ما علية ولغير القادر ان يستفيد من الشروط التفضيلية والتسهيلات والتقسيط لان هذه الذمة ستبقى في الأعناق الى يوم القيامة.
 واختم بهمسة إلى دولة رئيس الوزراء:
 إن وضعنا  الاقتصادي الحالي نتيجة تراكمات لسياسات اقتصادية خاطئة لم تكن أنت من  تسبب بها فلا تعاقبنا عليها وكما تعلمنا على يدك في إحدى القصص المدرسية عندما وقع شخص في بركة ماء وجاء رجل وبدا يلومه لأنه لم يتخذ تدابير الحيطة والحذر فكان رد المسكين :أنقذني أولا من الغرق ثم امنعني من السفر.

* رئيس اتحاد الصناعات الجلدية الفلسطينية.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد