فسحة للرأي

بانتظار توقيع وزير الصحة على تحويلته.... الطفل البلوي ينتقل إلى رحمة الله (بالصور)

|
بانتظار توقيع وزير الصحة على تحويلته.... الطفل البلوي ينتقل إلى رحمة الله (بالصور)

  كتب - ناصر حماد البلوي:  ناصر إبراهيم البلوي، هو طفل من شمال غزة، يبلغ الثانية عشرة من عمره، توفي صبيحة يوم السبت الموافق 1/11/2014، نتيجة إصابته بمرض السرطان، تلقى هذا الطفل جزءا من العلاج خارج قطاع غزة، وانتظر لاستكمال العلاج الذي بدأه، لكن وزير الصحة الدكتور جواد عواد، ومسؤولة دائرة العلاج بالخارج الدكتورة أميرة الهندي، لم يوقعا على تحويلته الطبية، منذ 17/9/2014، حتى وافته المنية بتاريخ 1/11/2014. 

 خمسون يوما وهذا الطفل يتعذب، ويموت موتا بطيئا والمرض ينهش جسده، قضاها الطفل في الصراخ والعذاب المرير، لدرجة أن والده تمنى موته رحمة له من هذا العذاب، والسيد وزير الصحة يماطل في التوقيع على التحويلة، حتى الأدوية المسكنة للألم التي يُفترض أن تخفف من العذاب والألم الذي حل بالطفل، لم نتمكن من صرفها بسبب عدم توفرها أصلا في غزة، وبسبب رفض المستشفي في القدس صرفها لعدم وجود تغطية من قبل وزارة الصحة الفلسطينية. والنتيجة انتقل الطفل ناصر إبراهيم البلوي إلى رحمة الله، بعد انتظار خمسين يوما لم تكن كافية ليوقع وزير الصحة على تحويلته الطبية، أو حتى على الأقل صرف الأدوية المسكنة للألم الشديد، الذي عانى منه قبل موته. 
    إننا عائلة الطفل المرحوم، نحمل وزير الصحة شخصيا مسؤولية هذا التأخير، ومديرة دائرة العلاج بالخارج الدكتورة أميرة الهندي، نحملهما المسؤولية القانونية والأخلاقية، وسنقوم برفع دعوى قضائية نختصم فيها وزير الصحة الدكتور جواد عواد، ومديرة دائرة العلاج بالخارج الدكتورة أميرة الهندي. مع العلم أن حالة هذا الطفل ليست الوحيدة في قطاع غزة، فهناك مئات الحالات المشابهة، التي يتم التعامل معها بهذا الاستهتار، وهذا المستوى المتدني من الإحساس بالمسؤولية، مما يضاعف معاناة المرضى وذويهم. لو كان هذا الطفل ابنا لمسؤول فلسطيني، لما احتاج للانتظار خمسين دقيقة لتوقيع تحويلته الطبية.
    ربما يهدف وزير الصحة من هذه المماطلة إلى جعل المرضى في غزة يموتون تدريجيا، ولسان حاله يقول "عسى أن يموتوا جميعا فنرتاح منهم ومن مصاريفهم"، ليوفر الأموال لصالح حالات وتحويلات إجراء عمليات التجميل، والشد والنفخ، ودفع مصاريف مدارس أبناء المسؤولين والمحاسيب، والرحلات السياحية إلى شرم الشيخ وتركيا وأوربا، وبعثرة الأموال العامة على الأمور التافهة، كالنثريات والمرافقين والحراس والسيارات،الخ.  
    أمام ما حصل، وأمام هذه المأساة والمعاناة التي تجرعنا مرارتها، وأمام هذا التقصير والاستهتار المتعمد بأبسط حقوقنا الإنسانية، من قبل وزارة الصحة الفلسطينية، فإنني أود التأكيد على ما يلي:
أولا: يتحمل وزير الصحة الدكتور جواد عواد، ومديرة دائرة العلاج بالخارج الدكتورة أميرة الهندي المسؤولية الكاملة عن تأخير إصدار التحويلة الطبية، والتسبب في وفاة هذا الطفل البريء، والعذاب الشديد الذي حل به في الأيام الأخيرة قبل وفاته. ونحتفظ لأنفسنا بحق اللجوء للقضاء، لاختصام الوزير، فهو من يتحمل المسؤولية الكاملة. 
ثانيا: نطالب رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله بإقالة وزير الصحة – الحاقد على أبناء شعبنا في غزة- وبتشكيل لجنة تحقيق نزيهة ومستقلة، للتحقيق فيما جرى، وفيما يجري تجاه الحالات المماثلة في قطاع غزة، هناك مئات الحالات المرضية التي تتأخر تحويلاتها الطبية في رام الله، ويتم الاستهتار بأرواح أبناء شعبنا في قطاع غزة، والتعامل معهم كعبء على الحكومة، وليس من واقع المسؤولية الوطنية والأخلاقية والقانونية.   
ثالثا: سنتوجه إلى القضاء الأوروبي والى المحكمة الأوروبية، لرفع دعوى قضائية على الاتحاد الأوروبي نفسه، لإعادة النظر في المساعدات التي يقدمها الاتحاد للحكومة الفلسطينية. يدعي الاتحاد الأوروبي أن مساعدته للحكومة الفلسطينية تهدف إلى تمكينها من تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين الفلسطينيين كالصحة والتعليم، بينما على أرض الواقع يتم التلاعب بهذه المساعدات، ومنعها عمن هم بأمس الحاجة إليها، مقابل إغداقها على حالات لا تستحقها. وفي هذا الإطار تم التواصل مع فريق محامين ومؤسسات حقوقية أوروبية، وسيتم تزويدهم بمختلف الوثائق التي تساعدهم على رفع قضية متكاملة الأركان، لإلزام الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات المقدمة للحكومة الفلسطينية، لحين إجراء تحقيق شامل من طرفه، لمعرفة أين تذهب هذه الأموال، وفحص أذون الصرف في وزارة المالية الفلسطينية، لمعرفة أوجه الصرف والتجاوزات التي تحصل، وبحث السبل والآليات لمراقبة هذه المساعدات بشكل حثيث، لضمان العدالة والشفافية، واحترام الحقوق الأساسية للمواطنين الفلسطينيين من قبل الحكومة الفلسطينية. الموضوع لا يخص حالة فردية، فالحالات كثيرة جدا، والوثائق المتوفرة أكثر، وستكون جاهزة في ملف القضية.
رابعاً: سندعو مسؤولين من المفوضية الأوروبية للاجتماع بذوي الحالات المتضررة، لتكون الأمور واضحة أمامهم، ويلمسوا حقيقة الأمور بأنفسهم، وليروا حقيقة الظلم والقهر الذي نعانيه، وسنطالبهم بتوفير وسائل مناسبة ليتقدم عبرها المواطنون الفلسطينيون بالشكاوي، لاستقبال مظالمهم ودراستها، فيما يتعلق بانتهاك حقوقهم الأساسية من طرف الحكومة الفلسطينية التي يدعمونها، وسنصمم موقعا على شبكة الإنترنت، خاصا لعرض هذه القضايا، وتلقي شكاوي المواطنين بهذا الخصوص، وترجمتها وعرضها على الاتحاد الأوروبي.
خامسا: سنتوجه إلى جامعة الدول العربية، وإلى الدول العربية التي تقدم المساعدات للحكومة الفلسطينية، وسنتواصل مع الحكومات والبرلمانات العربية، ومؤسسات حقوق الإنسان والمثقفين والكتاب، ووسائل الإعلام المختلفة فيها، وسنقوم بشرح وتوضيح ما نتعرض له من إهدار واستهتار بحقوقنا من قبل حكومتنا الفلسطينية، ليعلموا أن مساعداتهم لا تصل إلى مستحقيها، لدفع الحكومات العربية إلى إعادة النظر في سياسة تقديم المساعدات، أو البحث عن سبل وآليات أخرى لتقديم مساعداتهم إلى الشعب الفلسطيني. من الواضح أن الحكومة الفلسطينية غير مؤتمنة على هذه المساعدات، ولا على كل الشعب الفلسطيني، وهي تميز بين المواطنين الفلسطينيين، هناك مواطنون يحصلون على أكثر من حقوقهم بكثير، وآخرون يحصلون على صفر من حقوقهم. 
سادسا: ندعو كل المتضررين الذين انتهكت حقوقهم من قبل الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها المختلفة، بأي شكل من الأشكال، والمثقفين والكتاب والمهتمين كافة، إلى الانضمام إلى حملة وطنية شاملة، تطال المستوى المحلي والإقليمي والدولي، لتشكيل رأي عام ضد هذه الممارسات العنصرية وغير الأخلاقية، ليتمكن المواطن من الحصول على حقوقه، بشكل كريم، ودون اللجوء إلى مليون واسطة. حقوقنا الأساسية كمواطنين يدوسها بعض المسؤولين في الحكومة، دون وازع من ضمير أو أخلاق، وسيتم تشكيل لجنة لهذا الغرض لتنسيق الفعاليات والأنشطة المتصلة بهذا الموضوع. إن سكوتنا المستمر عن هذه الممارسات، وتهاونا في حقوقنا الفترة الماضية، وتسليمنا بالأمر الواقع، هو الذي شجع بعض المسؤولين على التمادي في انتهاك حقوقنا، واعتبارنا مواطنين " بدون- درجة عاشرة- حشرات لا قيمة لها "، ولن نجني من استمرارنا في السكوت إلا مزيدا من الاستهتار والمس بحقوقنا، ومزيدا من الإذلال على أيدي هذا البعض المتنفذ، الذي لا يعرف معنى المسؤولية.
      إن المال العام ملك للشعب الفلسطيني كله، مصدره الضرائب والرسوم المفروضة على المواطنين الفلسطينيين، وما تجمعه الحكومة الفلسطينية من مساعدات من الخارج باسم الشعب الفلسطيني، يجب إدارته بطريقة تخدم الشعب كله، ومن حق أبناء هذا الشعب أن يحصلوا على حقوقهم كافة، في العلاج وغيره، فهذا واجب الحكومة وليس منة منها، ولا يحق لبعض المسؤولين الفلسطينيين أن يتصرفوا في المال العام وفقا لأهوائهم وأمزجتهم، ويهدرون حقوق المواطنين دون وازع من ضمير أو أخلاق. ونحن كمواطنين لن نسكت على هذا الأمر مهما بلغت التضحيات، فكفاكم تلاعبا بأرواح أبناء هذا الشعب وحقوقهم، اتقوا الله فينا. 
 
 
المرحوم قبل المرض بفترة وجيزة
 
المرحوم في البيت ينتظر قرار التحويل
 
المرحوم ينتظر القرار وهو في المستشفى
 
المرحوم دخل الغيبوبة ولا يزال ينتظر القرار
 
الطفل ناصر فاضت روحه دون ان يصل القرار!
 
المرحوم قبل نقله الى المقبرة 
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد