اخباريات محلية

عائلة فلسطينية تبحث عن قوت يومها

|
عائلة فلسطينية تبحث عن قوت يومها

 نابلس - رنا خموس *:  لا يجد أطفال عائلة أبو أحمد رشدي النجار من قرية يتما جنوب مدينة نابلس شيئا يقيهم من برودة الطقس، ولا حتى من الجوع، الذي افترس كل شيء بالمنزل.

أبو أحمد عمل بجمع قطع الحديد والتنك لسنوات طويلة في رام الله، إلا أن ظروفه المادية لم تعد تكفي مواصلاته، ولم يفلح بإيجاد بديل حتى اليوم لأنه غير مؤهل عقليا.
 
ظروف صعبة
ليان ابنة الشهرين، وهي أصغر أفراد عائلة أبي أحمد، بالكاد تستطيع تحريك أطرافها من كثرة الملابس التي تلف جسمها، فهي الوسيلة الوحيدة لتدفئتها في غياب أي مصدر للتدفئة. بكائها المتواصل من الجوع يثير حزن أمها التي لا تجد مالا كافيا لشراء حليب لرضيعتها الضئيلة.
يقول والدها وهو يتلعثم "مش طالع بأيدي اشي، الكهربا بتنقطع اغلب الوقت، والمياه ما بتوصلنا للبيت، منضطر تعبأة المياه من وسط البلد ويجلبها أطفالي على الحمار في بعض الأحيان أو مشيا على الأقدام للمنزل".
ويقع منزل عائلة أبو احمد أعلى التلة، ولا طريق معبد يصل إليه، مما يضطرك للسير بالوحل والطين، حتى أن المياه تجد لها طريقا داخل حذائك، تتحول الطريق إلى مجرى نهري كبير يصحب معه جميع الحجارة التي وضعها أبو احمد حول منزله ليحمي بها أطفاله من الفيضانات مع غزارة الأمطار –كما حدث في المنخفض الأخير-.
مشيرا " المياه كل عام تغرق منزلي، لدرجة أنها تصل بمستواها إلى الشباك، وتخرج من الجدران ومن الأبواب".
لا بلاط على أرضية الغرفتين التي تؤوي عائلة أبو احمد، تتكدس ملابسهم الرثة داخل خزانة مخلعة الأبواب، فيما تفترش الأرض قطعتي سجاد بالية، تقول زوجته "كنا ننام على التراب عندما سكنا المنزل، قبل أن يقوم صديق زوجي بمساعدتنا".
 
لا استجابة
محمد شاكر سعيد صديق مقرب للعائلة، لا يجد الكلمات التي يعبر فيها عن سوء الوضع المعيشي الذي يعيشه صديقه الفقير.
تبدو علامات الألم بادية على ملامحه وهو يصف وضعهم،" لا يوجد طعام يأكلونه، الخبر البايت في بعض محال البقالة لثلاثة أيام يحصلون عليه، اجنحة الدجاج بالبندورة هي وليمتهم الكبيرة، ومرات قليلة خاصة بشهر رمضان والأعياد يحصلون على الأضاحي والتبرعات، ولكن باقي أيام السنة، لا يجدون ما يسدون به رمقهم".
ويذكر سعيد أن أبو احمد لا يستطع تدبر نفسه بسبب إعاقته العقلية، وأطفاله أيضا لديهم خلل في التواصل، وجميعهم متسربون من المدارس ما عدا طفلة، ومهمشين في بلدهم.
يصف سعيد وضع العائلة بالمأساوي،" المياه تغمرهم كل عام، لقد قمت بإنقاذهم من المياه بعد أن غمرتهم العام الماضي، لقد استطعت الحصول على تقرير طبي يشرح وضع ابي احمد الصحي مما أتاح له الحصول على مساعدة مالية من الشؤون بمبلغ لا يتجاوز 800 شيكل كل ثلاثة شهور، لا تكفي احتياجاتهم".
يكمل سعيد حديثه وهو يفتح باب الثلاجة المعطلة، لتبدو فارغة سوى من ثمرة بندورة بالرف الأول وبالرف الثالث بقايا شيء من الخبز،" هذه العائلة لا تطلب الكثير، تريد السترة فقط، لم يعد بمقدوري مساعدتهم، فهم بحاجة إلى حماية منزلهم من الماء إما عن طريق جدران استنادية تقيهم من السيول، أو أن يتم بناء غرفتين فوق سطح التسوية التي يعيشون فيها حاليا حتى لا تصلهم مياه الأمطار".
 تحوم أعداد كبيرة من الذباب داخل المنزل الذي شارف سقفه على ملامسة رؤوسنا، تخرج منه رائحة الرطوبة والعفن –كما يشرح سعيد- لا يوجد معيل لهم، ولا مصدر رزق، وضع أقارب أبو احمد لا يسمح بمساعدته، فهم يعيشون ظروفا سيئة أيضا، وليس بمقدورهم إعالة ابنهم وأطفاله، لم اترك بابا إلا طرقته لمساعدتهم داخل قريته وخارجها إلا أنني لم احصل على استجابة حتى الان، ولا ادري كيف بمقدوري مساعدة صديقي".
 
بصيص أمل
تقف أسيل (12 عاما) في زاوية الغرفة وهي تحمل شقيقتها الرضيعة-بينما يستمر الذباب بالدوران مصدرا صوتا مزعجا- ، تنظر إلى فلاش الكاميرا الذي اصدر ضوءا أكثر مما تصدره اللمبة التي تتوسط الغرفة.
تقول شقيقتها الكبرى لينا (15 عاما) بخجل بدى على وجهها "نفسي التلفزيون يشتغل، زهقت وأنا قاعدة" تحاول والدتها تفادي طلبها على أمل أن يفرجها الله عليهم، تقول "كل ما واحد طلب مني اشي، بصير اقلهم بكرة ربنا بفرجها، بكرة أحسن، اصبروا".
وتعاني الأم من الآم "الديسك" وضعف بالسمع، ولا تقدر صرف دوائها  بسبب ظروفها المعيشية، قوت يومهم هي ما يستطيع أطفالها بيعه من الحديد أن حصلوا عليه.
يجتمعون حول نار الحطب الذي قام أحمد (14 عاما) بجمعه، ينظرون إلى والدهم الذي
باتت ملامح وجهه تحكي عجزه وألمه، ويقول "الله ما بنسى حد".
 
* موقع جسور الخير
 
 
 
 
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد