اخباريات - رفض 62% من الأهل منح النساء حقهن بالميراث عند مطالبتهن به، فيما ماطل و أجّل 25% منهم. جاء ذلك في دراسة أجراها مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي، بالتعاون مع جمعية الشبان المسيحية و مركز المرأة في غزة ومؤسسة المساعدات الكنسية، وبتمويل من الاتحاد الاوروبي، ضمن مشروع (الحق في الميراث) و الذي يهدف إلى تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء الفلسطينيات من خلال تسهيل الوصول الى حقوقهن الارثية.
وتوضح الدراسة التي أجراها مركز المرأة تحت عنوان "المرأة الفلسطينية و الميراث"، أن حرمان النساء من حقهن في الميراث وفق ما اقرته الشريعة والقانون، انما يمس الحقوق الاقتصادية للمواطنين في دولة فلسطين، حيث أشارت الدراسة إلى أن الآثار المترتبة على حرمان المرأة من الميراث وفقا للعينة هي الشعور بالقهر والظلم والاضطهاد بنسبة 65%، العداوة والبغضاء بين الأخوة والعائلة وبين الأبناء عبر الأجيال وتزعزع العلاقات الأسرية وتفككها بنسبة 49%، و تردي الأوضاع الاقتصادية بنسبة 44%، والتأثير على المرأة نفسيا وجسديا بنسبة 30%، مما يعني أن حصول المرأة على حقها في الميراث يساهم في وصولها للعدالة وفق ما اقره القانون الاساسي الفلسطيني.
وكانت المؤسسات الثلاث (جمعية الشبان المسيحية- القدس و مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي ومركز شؤون المرأة في غزة،) أرسلت مؤخرا مذكرة لرئيس الوزراء د. رامي الحمد الله أكدت فيها على ان التكلفة الاقتصادية للاجراءات المتبعة في الجهات الرسمية المعنية لحصول النساء على حقهن في الميراث، تكلفة باهظة الثمن، وخاصة عندما تضطر النساء للجوء للقضاء وما يترتب على ذلك من رسوم واتعاب محاماة، وهذا ما أكدت عليه الدراسة بأن غالبية النساء أبدين ان قضايا منع المعارضة او ازالة الشيوع او الوكالات الدورية طويلة ومعقدة، وان قضاياهن لم تنته في المحكمة، وأن الاجراءات في المحاكم النظامية مكلفة، فيما لم تحصل 97% منهن على حقوقهن كاملة، مما يدفع النساء اللواتي هن في الاصل ضعيفات اقتصاديا على العزوف عن اللجوء للقضاء للمطالبة بحقوقهن الارثية نتاج التكلفة الاقتصادية باهظة الثمن. يضاف إلى ذلك تعدد الاجراءات وتعدد النظام القضائي، مما يشكل تحديا كبيرا امام النساء المطالبات بحقهن في الميراث، و في هذا السياق أشارت الدراسة إلى أن مدة المطالبة بالحق في الميراث تصل إلى اكثر من عشرة اعوام في 24% من الحالات وتصل إلى 5 اعوام في 44% من الحالات بما في ذلك المطالبة عن طريق المحكمة.
وبينت الدراسة أن تعدد القوانين والانظمة في التخارج والوكالات الدورية جعلها أداة للتحايل وخداع النساء وتسهيل حرمان النساء من حقهن في الميراث، وذلك بطرق قانونية، فقد تبين من خلال الدراسة أن نسبة النساء اللواتي تنازلن عن حقهن في الميراث بالتخارج بلغت 86% من عينة النساء اللواتي تنازلن، فيما افادت 28% من العينة انهن قد قمن بالتنازل عن حقوقهن الارثية بوكالة دورية غير قابلة للعزل. كان التنازل في 75% منها بدون مقابل. إضافة إلى أن غالبية النساء (74%) أفدن بانهن لا يعلمن معنى التخارج، فيما تبين ان من يعلمن فعلا معنى التخارج هو نصف العينة فقط، و هذا ما أكد علية رئيس المحكمة الشرعية في نابلس القاضي عبد الناصر شنيوير خلال اللقاء المفتوح الذي عقد مؤخرا في محافظة نابلس بحضور عطوفة المحافظ اللواء أكرم الرجوب و عضو المجلس التشريعي النائب الدكتورة نجاة أبو بكر.
وطالبت المؤسسات الثلاث من رئيس الوزراء تبني رؤية جديدة فيما يتعلق بحصول النساء على حقوقهن الارثية من خلال تبني نظام خاص بتقسيم الميراث يكون من خلال استحداث دائرة حكومية خاصة تعمل على تقسيم الميراث وفق الشريعة والقانون بمجرد تحقق وفاة المورث، وذلك حفاظا على حقوق كافة الورثة، مما يسهم في تعزيز السلم الاهلي بين كافة افراد الاسرة، ويمنح الحقوق لاصحابها، ويقلل من التكلفة الاقتصادية للدولة من خلال الاستنزاف الحاصل لكافة موارد اجهزة الدولة المختلفة، كما أعربت المؤسسات الثلاث عن جهوزيتها للمشاركة في أي نقاش مع ممثلي الحكومة حول جملة من التوصيات والاليات التي تسهم في وصول النساء لحقوقهن الارثية.
وبيّنت نسرين قواس منسقة المشروع لـ"الحياة الجديدة" أن هذا المشروع يأتي كاستكمال لمرحلة اولى استمرت لثلاث سنوات والتي نجحت في طرح قضية ميراث النساء وتمكينهن الاقتصادي للنقاش العام، حيث استفادت اكثر من 300 امرأة من الاستشارات القانونية. وساعد المشروع 53 امرأة في الحصول على ميراثهن من خلال طرح القضية للنقاش العائلي ودعم اكثر من 18 امرأة لرفع قضايا في المحكمة.
وأضافت قواس أن النساء في فلسطين من الفئات المهمشة والتي تعاني من تمييز في شتى جوانب الحياة الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية او السياسية مشيرة إلى أنه على الرغم من ارتفاع نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن هذه النسبة ما زالت متدنية، حيث بلغت 17.4% من مجمل الإناث في سن العمل في العام 2012 مقابل 10.3% في العام 2001، و ذلك رغم أن مشاركة المرأة في العمل يعتبر متطلباً تنموياً هاماً في عملية التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشارت قواس الى أنه وللمساعدة في مواجهة هذه القضية، قامت المؤسسات الشريكة بتجميع قواها في مشروع تبلغ قيمته حوالي 1.5 مليون يورو بدعم من الاتحاد الاوروربي لتسهيل حصول النساء على ميراثهن وفق الشريعة الإسلامية في فلسطين. وقالت بان المشروع في مرحلته الثانية انطلق في شهر ايار 2013 ويستمر لمدة ثلاث سنوات، ويعمل المشروع مع المعلمين ورجال الاصلاح والعاملين في المحاكم الشرعية والقطاع الخاص والمحافظات والفاعلين على المستوى الحكومي وغير الحكومي، اضافة الى مؤسسات المجتمع القاعدية من اجل تعزيز حقوق النساء الاجتماعية والاقتصادية من خلال حصولها على الميراث وتغيير موقع النساء في المجتمع.
وقالت بأن المشروع يتضمن 900 ورشة عمل توعوية للنساء والرجال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتشكيل لجنة وطنية مؤلفة من مؤسسات حكومية وغير حكومية، وانتاج دليل حول حقوق النساء لتسهيل وصولهن للميراث، وحملة تأييد ومناصرة وطنية في الضفة وقطاع غزة بمشاركة العديد من مؤسسات المجتمع القاعدية حول حقوق النساء في الميراث، وعقد دراسة وطنية حول حقوق النساء بالميراث في القدس، الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوفير استشارات قانونية مجانية للنساء.