الزاوية الاقتصادية

رشيد فقهاء.. من عامل بسيط لوكيل لاحدى كبرى الشركات على مستوى الوطن

|
رشيد فقهاء.. من عامل بسيط لوكيل لاحدى كبرى الشركات على مستوى الوطن صورة تعبيرية حول بدايات رشيد فقهاء
اخباريات - رومل السويطي *:  كثير من رجال الأعمال يبدأون حياتهم العملية من الصفر، لكن يجدون من يساندهم ماليا أو لوجستيا، لكن رشيد فقهاء لم يجد من يسانده، سوى دعاء والديه، ونصائح جدته لأبيه. سألنا بعض رجال الأعمال، وكان جوابهم جميعا أنه رجل مثابر وصلب وعنيد إلى أبعد الحدود ولا يعترف بالفشل، وأنه نموذج مثالي يجب أن يقتدي به الكثير من شباب اليوم، خاصة أولئك الذين يعتبرون أنهم من أصحاب الحظوظ العاثرة. 
كان بإمكان رجل الأعمال رشيد فقهاء من قرية دير شرف "غربي نابلس" أن يكون وكيلا لأي شركة منتجات إسرائيلية، ولا يزال بإمكانه ذلك، لكنه رفض، وأصرّ على البقاء مع شركة الجنيدي للألبان، وحرص على إيصال منتجاتها في أصعب وأخطر الظروف الى المستهلكين، رغم بعض المناكفات التي تحصل في السوق الفلسطينية، ورغم كل ما تعرض له من مضايقات إسرائيلية وصلت الى حد تعرضه لإطلاق النار مباشرة من قوات الاحتلال خلال قيامه بتوزيع منتجات الشركة على المحلات التجارية في كافة مناطق شمال الضفة، وتعرض لظروف بالغة القسوة، حتى أنه واجه الموت عدة مرات على أيدي قوات الاحتلال بسبب إصراره على النجاح، وظل يكافح حتى أصبح الوكيل الوحيد لشركة الجنيدي للألبان في شمال الضفة.

طفولة في الكويت
عاش رشيد فقهاء طفولة عادية لا تختلف كثيرا عن باقي أطفال قريته "دير شرف" غربي نابلس، لكن ظروف عمل والده في دولة الكويت، فرضت عليه أن يتلقى علومه المدرسية من الصف الأول الأساسي وحتى الثانوية العامة في الكويت. ولا ينسى رشيد معلميه في الكويت من مختلف الجنسيات، لكن احدهم كان لهم دور مميز في صقل شخصيته.. انه معلم مادة الكيمياء الأستاذ عبد العزيز بكور وهو سوري الجنسية.
يفخر فقهاء بوالديه اللذين كان لهما أثر كبير في نجاحه بعد الله تعالى، لكن ما يلفت النظر في أصحاب الفضل عليه، هو جدته لأبيه "الحاجة سورية" التي لم يكن لها بصمات على حياة فقهاء فحسب، بل وعلى عائلته بأسرها، بسبب جرأتها وقوة جأشها. 

رحلة قاسية .. والعمل في "الباطون"!
بعد تخرجه من التوجيهي عام 1989 غادر فقهاء مع عائلته دولة الكويت في أعقاب حرب الخليج، ومكثوا في عمان لمدة سنة. ورغم رغبته بدخول الجامعة وتعلم هندسة الكيمياء، إلا انه لم يتمكن من ذلك، بسبب الظروف المعقدة التي مرت بها عائلته بسبب رواسب حرب الخليج. 
عمل في الأردن في إحدى شركات الألبان لمدة سنة، وخلال ذلك كانت جدته لأبيه المقيمة في ارض الوطن، تحاول بشتى الطرق الحصول على تصاريح لابنها وزوجته وأحفادها حتى يعودوا إلى دير شرف، وبعد جهود كبيرة تمكنت من ذلك وعادت العائلة إلى ارض الوطن لتستقر في مسقط رأسها. 
بدأ فقهاء حياته في دير شرف سنة 1991 عامل باطون ثم عمل في الكسارات ثم سائق جرافة حتى عام 1995، حيث قام بشراء جرافة وأنشأ مشروعا صغيرا يبيع فيه بعض مواد البناء، وبقي كذلك حوالي سنة ثم عاد وأغلقه لعدم قناعته بجدواه. 

بداية الانطلاقة .. مندوب مبيعات
في سنة 2000 عمل فقهاء مندوب مبيعات لدى الحاج عزام الجنيدي، الوكيل السابق لشركة الجنيدي في منطقة نابلس لمدة ثلاثة شهور، ثم اشترى شاحنة صغيرة لاستخدامها في توزيع منتجات الشركة لمدة ثلاث سنوات، قضاها فيما يمكن وصفه بـ "حرب حقيقية" بينه وبين قوات الاحتلال، حتى وصل الأمر إلى حد تعرضه للموت عدة مرات، بسبب إصراره على النجاح في عمله. 
كان يخرج بشاحنته بعد أن يملأها بمنتجات الشركة إلى مدن وقرى شمال الضفة رغم الاجتياحات وتعرض دبابات "الميركافاه" له ولشاحنته، وفي ظل هذا المشهد المرعب الذي يتسبب به جيش الاحتلال يثبت فقهاء أنه لا مستحيل مع من يصمم على النجاح بعد التوكل على الله والأخذ ببعض الأسباب.
في سنة 2004 وبعد أن أثبت فقهاء جدارته النوعية، تسلم رسميا وكالة شركة الجنيدي على مستوى شمال الضفة، وأصبح لديه مؤسسة كبيرة يعمل بها عدد كبير من الموزعين والمندوبين والموظفين والعمال. 

المنتجات الوطنية و"غير الوطنية"!
حين يتحدث البعض معه حول المنتجات الوطنية وضرورة مقاطعة "غير الوطنية" ويقصدون بها "الإسرائيلية"، تشعر أن فقهاء، يتجنب الحديث في هذا الموضوع بالشكل التقليدي الذي يتحدث حوله غالبية الناس، حيث يركز على ضرورة أن يكون المنتج الوطني منافسا بجودته وسعره.
يقول فقهاء: معظم منتجاتنا الوطنية خاصة الغذائية أثبتت جدارتها ومنافستها لجميع المنتجات المماثلة من إنتاج دول أخرى.
ويضيف: القول الفصل في موضوع شراء أو مقاطعة منتج معين، للمستهلك وكذلك للشركة المنتجة التي تقدم منتجاتها لهذا المستهلك، فإذا كان المنتج "ممتازا" في جودته وسعره، فإن غالبية المستهلكين سيتوجهون إليه.
ويعرب فقهاء عن اعتقاده أن من أسباب تعلقه بشركة الجنيدي، اطلاعه عن قُرب على الجودة العالية لمنتجاتها، واحترامها للمواطن الفلسطيني من كافة الجوانب، خاصة الصحية والاقتصادية، إلى جانب عمل المئات من المواطنين فيها. 
يهوى فقهاء الرسم والموسيقى وكرة القدم، وينصح الجيل الشاب بتحديد الهدف والتصميم على تنفيذه وشعاره في الحياة "الصدق منجاة".
 
الزميل رومل السويطي يتحدث مع رشيد فقها
 
 

يحرص فقهاء على وضع صورة جدته الحاجة "سورية" في ابرز موقع بمكتبه لاعتزازه بها

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
* (ملحق حياة وسوق)/ بتصرف
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد