فسحة للرأي

حياتنا - التعذيب بالكهرباء والعلاج بالكي

حافظ البرغوثي |
حياتنا - التعذيب بالكهرباء والعلاج بالكي

كتب - حافظ البرغوثي: طرحت أزمة الكهرباء نفسها بقوة في الأيام الأخيرة بعد تعمد الشركة الاسرائيلية قطع الكهرباء عن مناطق في الضفة بعد تراكم ديونها على المجالس المحلية والشركات المحصلة لفواتير الكهرباء وليست المنتجة له.

فالشركة الاسرائيلية دأبت على اقتطاع فواتيرها من أموال الضرائب المستحقة للسلطة، خاصة غزة طوال السنوات الماضية، ومؤخراً بدأت في اقتطاع أموال عن الضفة دون سند قانوني حتى ان شركة القدس طلبت مكتباً لتدقيق الحسابات نظراً لعدم دقة حسابات الفواتير للشركة الاسرائيلية، لكن مهما يكن فالمسألة تحتاج الى نظرة داخلية قبل نظرة الى الخارج أي الى الشركة الاسرائيلية، فالبلديات تتحمل مسؤولية وشركات توزيع الكهرباء تتحمل مسؤولية والمواطن يتحمل مسؤولية والسلطة أيضاً تتحمل المسؤولية الأكبر.
وحتى نكون واضحين لا بد من القول إن بعض المجالس المحلية التي تحصل فواتير الكهرباء تستخدم المردود في الصرف على شكل رواتب لموظفيها وهناك مثال واحد وهو أن فاتورة الرواتب في احدى البلديات ارتفعت في عام 2006 من 300 ألف شيقل شهرياً الى 900 الف الى مليون ومئة ألف شيقل شهرياً الآن بمعنى آخر ان البلديات زادت من عمليات التوظيف المصلحية والعشائرية وتصرف من تحصيل الكهرباء والماء. وهناك بلديات تحصل فواتير الماء وبأجور مرتفعة وتصرفها على موظفيها ولا تسدد للمصدر، فالمسؤولية هنا تقع على كاهل وزارة الحكم المحلي التي يجب أن تنظر الى المجالس كهيئات تابعة لها وليست اقطاعيات مستقلة ويجب أن تراقب أداءها وحساباتها والتوظيف المبالغ فيه والوظائف الوهمية فيها.
وثمة عشرات الملفات عن الفساد لدى هيئة مكافحة الفساد عن كثير من البلديات.
وهناك معضلة سرقة التيار في القرى والمخيمات والمدن أيضاً.. ويمكنك أن ترى أناساً يتدفأون على مدفأة كهربائية في الشارع أمام منازلهم ويطبخون ويغسلون على الكهرباء وفي بعض المنازل تجد مدفأتين في كل غرفة.. وهناك حالات عديدة ممن صعقتهم الكهرباء أثناء قيامهم بسرقة الكهرباء وهناك حارات كاملة تسرق الكهرباء. فإذا لم تكن هناك يد حديدية لفرض القانون ومنع السرقات فالشركات ستفلس وتنهار وتتراكم الديون يومياً.
فالمواطن مسؤول هنا عن تصرفاته وهو إن سرق تياراً أو ماء فإنه لا يسرقه من الشركات الاحتلالية بل من قوت الشعب لأن الفاتورة ستدفعها البلدية أو السلطة في النهاية من المال العام الذي تقتطعه اسرائيل.
إذاً هناك مسؤولية عامة تتقاسمها أطراف عديدة في مسألة تراكم الديون الكهربائية.
وبدأت شركة الاحتلال بتعذيبنا بالصدمة الكهربائية.. ومن جانبها يجب على السلطة أن تعالج الأزمة بالكي وتضع البلديات والشركات والمواطن الذي يسرق أو يتهرب أمام مسؤولياته وبدون ذلك لن تحل هذه الأزمة طالما أنه لا توجد إمكانية لتوليد الكهرباء في الضفة أو وصل خطوط مع الأردن، فالمسألة تحتاج الى حل جذري وليس ترقيعياً كما كان يحدث في السابق. ولعل اقتطاعات الكهرباء من اموال الضرائب ليست المعضلة الوحيدة فهناك التحويلات الطبية والعلاج المجاني الذي لا يوجد مثله في دول نفطية وهذا كله يحتاج الى اعادة نظر لأن من واجب السلطة ان تعالج غير القادر وليس القادرين، ومن يحتاج الى علاج خارجي وليس من لا يحتاج وهذه قضية معقدة أخرى لا شفاء منها الا بالبتر والكي معا.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد