فسحة للرأي

غزة..بين القاهرة وتل أبيب!!

صلاح حميدة |
غزة..بين القاهرة وتل أبيب!!

 كتب - صلاح حميدة:  ينظر الكثيرون بعين الخطر للحرب الإعلامية والسياسية والأمنية والقضائية والاقتصادية الرسمية المصرية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على وجه التحديد.

لا شك أن ما يقوم به هذا النظام يعتبر من شواذ الممارسات العلنية في العالم العربي، خاصة وانه سبق الجميع في اختراق غالبية المحظورات والمسلمات العربية والاسلامية، ولم يعد يأبه أو يتوارى خجلا من ما يقوم به بشكل يومي ضدها.
تظهر الكثير من التصريحات والإشارات الواردة من اقطاب وأذرع النظام المصري أن ما يقومون به تجاه المقاومة الفلسطينية يأتي في إطار التزامات هذا النظام تجاه دولة الاحتلال، وأن ما يتم ترويجه من دعايات إعلامية واحكام قضائية  تأتي فقط في إطار التسويق والتغليف، وهذه حقيقة لم يعد يجهلها أحد.
الهجمة المتعددة التي تتعرض لها المقاومة نابعة من رغبة جامحة لإخضاع المقاومة الفلسطينية سياسيا وعسكريا، ولا يمكن فهمها خارج هذا السياق، وطالما بقيت المقاومة مصممة على رفض شروط الرباعية الدولية فستبقى تحت الضغط والاستهداف المتعدد الأوجه، ومن الملفت أن الهجمة الحالية جاءت بعد زيارة توني بلير لقطاع غزة مباشرة، والتي حاول من خلالها ابتزاز المقاومة بمعاناة الناس، ووضعها أمام معادلة مستحيلة التحقيق، وهي الحقوق الوطنية مقابل تسهيلات حياتية.
بعض اسباب تلك الهجمة عائد لعقدة يعاني منها جزء من النظام الرسمي العربي الذي أدمن الهزيمة والعجز ونظر لهما طويلا، ولذلك شكل صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية عامل مقارنة أمام الشعوب، و حطم أصنام العجز والخوف وبدد الدعاية السياسية ومزق شرعية وجود تلك الأنظمة، ولذلك لم يكن غريبا رؤية ذلك العداء والحقد المستحكم في نفوسهم وفي عقولهم وممارساتهم على الارض، وهنا لا بد من التنويه إلى أن جوهر الاشكال يتعلق بالمواقف السياسية الرافضة للتطويع والتنازل، وإن كان يأخذ شكل النزاع اﻷيديولوجي، فعداء بعض النظام الرسمي العربي للمقاومة الفلسطينية قديم، وخاض معها نزاعات طاحنة في العديد من المحطات.
يعاني النظام المصري الحالي من أزمة شرعية ومن ازمات اقتصادية وأمنية مختلفة، وهو يحاول تقديم اوراق اعتماده كمدافع عن المصالح الدولية والاقليمية في منطقة تعاني من اضطرابات كثيرة، وعنوان سوق المصالح الدولية الآن مرتبط بقضايا جوهريه، هي الحرب على "الإسلام السياسي الحركي" و ما يطلق عليه "الارهاب" و أمن "إسرائيل"، وقد أظهرت القوى الغربية فتورا ظاهرا تجاه الرغبة المصرية للمغامرة في ليبيا، فكان الانقلاب المفاجىء تجاه الملف الآخر في قطاع غزة، ومن الواضح أن هذا التصرف المأزوم جاء بطريقة ارتجالية من محكمة تعمل تحت الطلب، فبعد أن قالت أنه ليس من اختصاصها عادت لتقول أنه من اختصاصها، فزادت تلك التصرفات الهزلية من استخفاف المراقبين والمتابعين، بل فقد صانع القرار احترام من يخدم مصالحهم هذا السلوك الارتجالي الذي يعبر عن حالة من اليأس والارتباك.
لا أظن أن صانع القرار المصري قد يصل إلى مرحلة يقصف فيها مناطق في قطاع غزة عسكريا، فضرب القطاع دونه الكثير من الحواجز المانعة، وإن كان هناك من لديه الرغبة بالمغامرة بخوض التجربة، فسترتد عليه عواقب وخيمة للغاية على المستويات السياسية وغيرها،  أما أثر ذلك على المقاومة فلن يكون جوهريا، وسيخدمها في الوقت الذي سيكون الهدف منه إيذاءها، وسيظهر من يعتدي عليها كحليف لجيش الاحتلال، وخاصة إذا ردت المقاومة بضرب تل ابيب في حال قام الجيش المصري بضرب غزة.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد