تقارير وتحقيقات

يوميات عامل .. شادي جبريل: ما دمت أعتاش من عرق جبيني فأنا ملك

|
يوميات عامل .. شادي جبريل: ما دمت أعتاش من عرق جبيني فأنا ملك

اخباريات - رومل شحرور السويطي *- خلال مروري اليومي باتجاه عملي في مكتب "الحياة الجديدة" بمدينة نابلس، من خلال المدخل الجنوبي للمدينة، وتحديدا على الشارع المحاذي لمخيم بلاطة، أشاهده صباح كل يوم وهو منتصب القامة بجانب بضعة أباريق قهوة وشاي وضعها على طاولة صغيرة، لا يحاول إزعاج السائقين لإرغامهم أو إحراجهم لشراء فنجان قهوة، بل ينظر صوب السائق بابتسامة بسيطة تكاد لا تفارق محيّاه حتى بعد انتهائه من العمل، تفرض على عدد كبير من السائقين التوقف بجانبه ليتناول قهوته. 

قبل بضعة أيام سألته خلال شرائي اليومي منه فنجان قهوتي الصباحي "مبسوط يا شادي؟"، أجابني بدون تردد "الحمد لله .. ما دمت أعتاش من عرق جبيني فأنا ملك"، ثم فاجأني بقوله "أنا أعرفك أستاذ رومل، لقد كنا زملاء في سجن الفارعة سنة 1993، وبما انك ذقت الألم في سجون الاحتلال، فمن الطبيعي أن تشعر بهموم الناس، وكلي أمل منك أن تنقل هذه الهموم". وبعد أن أعربت له عن اعتزازي بالخمسة شهور التي قضيناها سوية معا في سجون الاحتلال، واعتزازي به كإنسان فلسطيني قاوم الاحتلال، والآن يقاوم ظروف العيش الصعب، كان هذا الحوار مع اللاجئ شادي عبد الحميد جبريل 39 عاما من قرية يازور قضاء يافا وسكان مخيم بلاطة حاليا.
 
بعد ترك المدرسة ..
ويقول جبريل لـ"حياة وسوق" بأنه اضطر لترك المدرسة بعد أن أنهى الصف العاشر بسبب ظروف الانتفاضة الأولى واعتقاله في سجون الاحتلال، مضيفا بأنه خلال تلك الانتفاضة أصيب برصاصة معدنية برأسه في العام 2002، لكن - حسب تعبيره - فإن الجندي الذي أطلق النار عليه أراد له أن يموت، والله تعالى أراد له أن يعيش، وكانت إرادة الله هي النافذة. 
ويشير إلى أنه وبعد تركه للمدرسة عمل بائعا للخضار في المخيم، رافضا العمل في الداخل الفلسطيني المحتل، ويقول بأن بإمكان كل إنسان فلسطيني إيجاد فرصة عمل، معربا عن اعتقاده أن المهم هو وجود إرادة تدفعه إلى ذلك، مع تصميم على النجاح. وقد تمكن جبريل من جني بعض المال ساعدته في بناء حياة أسرية بعد أن تزوج ورزق بثلاثة أطفال. 
 
مهنة بيع القهوة ..
بعد أن لاحظ جبريل أن العمل في بيع الخضار لا يحقق له أرباحا كافية، خاصة بعد أن أصبح ربّا لأسرة تحتاج الكثير من النفقات، قرر البحث عن وظيفة، وبعد تلقيه العديد من الوعود، دون أن تتم ترجمتها على الأرض، قرر عدم الاعتماد على هذه الوعود، وتوجّه إلى مهنة جديدة وهي بيع القهوة والشاي على مدخل نابلس الجنوبي، وتحديدا على الشارع الرئيسي المحاذي للمخيم.
ويشير إلى أنه رفض انتقادات بعض الأصدقاء له الذين اعتبروا هذه المهنة لا تناسبه، وقال بأنه لا عيب من العمل في أي مهنة ما دامت بعيدة عن "الحرام"، مضيفا بأنه يخرج من بيته صباحا ومعه أباريق القهوة والشاي، وهو يشعر بفخر واعتزاز، لأنه لن يقف على باب أحد للسؤال، بل يقف رافعا هامته لكسب قوت عياله من تعب يده وعرق جبينه، دون أن يكون عالة على أحد. وأكد أن العمل في مهن مثل التنظيفات والباطون وبيع القهوة والملابس والاجهزة المستعملة وغير ذلك من الأعمال المماثلة، تدل على ان صاحبها رجل حر وشريف، لكن العيب والعار أن تجلس في بيتك تندب حظك بحجة عدم وجود عمل.
 
العلاقة مع الناس ..
ويشير الى أنه لا يجد صعوبة في التعامل مع غالبية الناس الذين يشترون القهوة منه، موضحا بأن الأمر يتعلق بطريقة واسلوب بائع القهوة في التعاطي مع الناس، معربا عن اعتقاده أن طبيعة شعبنا "طيبة" ومعدنه "أصيل" في التعامل معه ومع اصحاب مثل هذه المهنة، حسب تعبيره. وأضاف بأن الصعوبات التي يواجهها تتعلق بالظروف الجوية، سواء في الأيام التي تكون شديدة البرودة وأمطار غزيرة، أو الأيام التي تكون فيها درجة الحرارة مرتفعة، ويقول بأنه ورغم ذلك يستوعب الأمر من منطلق رغبته استمرار العمل مهما كانت الظروف الجوية حتى يرجع الى بيته ومعه ثمن قوت عياله. 
 
مشجع رياضي ..
ويظهر من خلال حديث "حياة وسوق" مع جبريل أنه من أبرز مشجعي كرة القدم، وعن هذا الموضوع يقول بأن ظروفه القاسية لم تمنعه من الوقوف إلى جانب مركز شباب بلاطة . وقال بأنه يشعر أن من واجبه مساندة شباب المخيم في كافة المجالات وبضمن ذلك "المجال الرياضي". ويقول بأنه يشجع فلسطينيا مركز شباب مخيم بلاطة وخاصة كمال حمدان الذي وصفه بأنه أحد الأعمدة الرئيسيين لفريق المركز، وعربيا فريق الوحدات الأردني، أما عالميا فإنه من عشاق برشلونه الاسباني. 
 
* ملحق حياة وسوق في جريدة الحياة الجديدة
 
 
 
 
 
 
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد