اسرار وخفايا

أفضل عميلة للموساد أخطأت في اغتيال ابو علي حسن سلامة

|
أفضل عميلة للموساد أخطأت في اغتيال ابو علي حسن سلامة

  بيروت / وكالات / قبل 42 عامًا من اليوم، صوب رجلان من وحدة العمليات الخاصة بالموساد من سيارتهما الفولفو الرمادية بنادقهم نحو شاب أمام إحدى دور السينما في شارع ستورجتون بمدينة ليلهامر النرويجية، أطلقا نحوه 14 طلقة أصابته جميعها دون صديقته الحامل التي كانت تجاوره.

كان عملاء الموساد قد أُرسلوا إلى ليلهامر من أجل اغتيال القائد علي حسن سلامة، العقل المدبر لعملية قتل 11 رياضيًا إسرائيليًا في دورة الألعاب الأوليمبية في ميونخ عام 1972؛ إلا أنه بعد تنفيذ العملية تم اكتشاف أن الشاب الذي لقي مصرعه أمام أبواب السينما لم يكن سوى نادل مغربي بريء يدعى أحمد بوشيكي.
أحد العملاء الذين تم إرسالهم إلى النرويج   كانت سيلفيا رافائيل، التي كانت مشوشة التفكير حول إمكانية نجاح عملية فريقها، ولم تكن متأكدة أن الرجل الذي تم استهدافه هو سلامة حقًا؛ فلم يلتفت الرجل الذي كانوا يتعقبونه مرة واحدة من أجل معرفة ما إذا كان هناك من يراقبه وهو ما لم يكن سيفعله سلامة الذي كان سيكون أكثر حذرًا، ولم تلتفت سيلفيا لذلك أو يصل ذكاؤها لتلك النقطة حتى عرفت أن من قتل هو نادل مغربي بريء.
أثارت جريمة قتل بوشيكي انتقادات دولية؛ حيث ألقي القبض على سلفيا رافائيل وخمسة من فريقها بعد فترة قصيرة، وتم تقديمهم للمحاكمة في النرويج، وأدينت سيلفيا بالتخطيط لتنفيذ عملية قتل والتجسس واستخدام وثائق مزورة؛ وحكم عليها بالسجن خمس سنوات ونصف في أوسلو وأطلق سراحها عام 1975 بعد قضائها 15 شهرًا بالسجن.
قصة سيلفيا كما رواها موتي كفير الرجل الذي جندها وأشرف على تدريبها في كتابه "سيلفيا رافائيل حياة ووفاة جاسوسة للموساد" روى فيه قصة عميلة كانت على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل الدفاع عن أبناء بلدها بتعقبها حركات الرجل الذي كان من المفترض أن تقوم باغتياله، وتوضح حكاية كفير بعض أوجه الشبه بين مجموعتين من البشر يدفعهما الإخلاص العاطفي ويكشف عن جوانب مختلفة عن صراعات إسرائيل المستمرة في الشرق الأوسط.
أما بالنسبة لسيلفيا، فإن طريقها إلى مصيرها في النرويج بدأته بشكل مختلف عن باقي المقاتلين في الموساد؛ فقد ولدت في جنوب إفريقيا، ورغم أنها يهودية لكنها لم تظهر الولاء للشعب اليهودي قبل أن توضع في ملجأ بعد أن تم ذبح عائلتها في كييف خلال الهولوكوست، وبعد تخرجها من الجامعة في جنوب إفريقيا تطلعت سيلفيا للزواج والراحة في البلد الوليد (إسرائيل)، وبعد عدة سوات من العمل في الكيبودز عملت بتدريس اللغة الإنجليزية في تل أبيب ثم التقت بموتي كفير ليخبرها بوظيفة مستقبلية.
جند كفير سيلفيا في الوحدة 188، وهي وحدة للنخبة في سلاح الاستخبارات الإسرائيلية والمسؤولة عن العمليات الخاصة خارج إسرائيل. وبعد تقييمات مكثفة بمدى ملاءمتها كمقاتل سري للموساد، وبعد فترة تدريب طويلة؛ اختيرت سيلفيا لتكون واحدة من عملاء المخابرات الرئيسين في تتبع الرجل الذي كانوا يعتقدون أنه سلامة.
وعندما كان مصدر إلهام ودافع سيلفيا للقتال من أجل إسرائيل هو التاريخ المظلم لعائلتها في المحرقة كان قرار سلامة للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية هو نتيجة لمأساه عائلية هو الآخر، وعلى وجه التحديد كان انطلاقًا من شعوره بالواجب تجاه والده الذي أصيب بجروح قاتلة في حرب 48. كان كلا منهما يقدم رؤية وزاوية مختلفة في صراع معقد له تأثيره العميق على السياسة العالمية وحياة المواطنين.
عملية ليلهامر تسببت في فقدان سيلفيا الثقة في رؤسائها وزملائها بالموساد، ورفضت بعد إطلاق سراحها من السجن عرضًا لمنصب في الموساد مفضلة العودة للنرويج من أجل أن تصبح زوجة لمحام محترم بعد أن وقعت في حب المحامي الذي عينته الحكومة الإسرائيلية للدفاع عن فريق ليلهامر للاغتيالات.
وبعد تقاعد زوجها، انتقل الزوجان لجنوب إفريقيا للانضمام إلى العائلة؛ لتعلم هناك أن عميلة شابة للموساد قد قضت أخيرًا على الناشط علي حسن سلامة في بيروت باستخدام سيارة مفخخة زرعتها بالقرب من منزله في بيروت، وبعد أن بلغت من العمر 68 عامًا لتموت جراء السرطان.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد