تقارير وتحقيقات

بالفيديو: الحاج عبد السميع يصدح بالأذان رغم إرهاب "يعكوف"

|
بالفيديو: الحاج عبد السميع يصدح بالأذان رغم إرهاب "يعكوف"

تقرير من صحيفة "الحياة الجديدة" للزميل محمد مسالمة: يرتفع صوت الحاج عبد السميع عسيلي بالأذان في أحد ازقّة البلدة القديمة في مدينة الخليل، يقف على عتبةٍ تفصل خان الوكالة عن السوق، ويتوسط باب الخان ذا القوس الكبير وكأنه محراب مسجد الوكالة الذي منع الاحتلال على مؤذنه رفع الأذان بمكبرات الصوت، تلبية لرغبة المستوطن "يعكوڤ". ينتاب الزائر شعور بالقلق عند وصوله المكان؛ فجو إرهاب المستوطنين حاضر، يبدأ زقاق السوق يضيق على نفسه، فالبؤر الاستيطانية والنقاط العسكرية تعتلي متاجره، فيضيق صدر المتجول، الذي تلفت نظره الحجارة وبقايا نفايات المستوطنين العالقة على أسلاك شائكة وضعها المواطنون فوق رؤوسهم، لعلها تقيهم شر الاعتداءات. تجتاز القوس الذي يقف عليه المؤذن لتجد نفسك في "خان الوكالة" الذي يضم المسجد الممنوع من رفع اسم الله، فيقابلك الحاج عبد السميع الذي يسكن في البلدة القديمة حيث متجره أيضا منذ عام 1968. يقول الحاج إنه يرفع الأذان خارج المسجد على باب الزقاق كي لا تتحقق رغبة المستوطنين في إسكات الصوت الداعي إلى ذكر الله. ويحاول المستوطنون خاصة المدعو "يعكوڤ" منع عبد السميع من الأذان بصوته، بعد أن منعوه بقوة الاحتلال من رفعه بمكبرات الصوت. من هو المستوطن "يعكوڤ" ؟ "في مرّة قمت برفع الأذان، وجاءني المستوطن يعكوڤ، وقال لي: سأقوم باغلاق المسجد، وأحضر لي جنودا من جيش الاحتلال ومنعوني من رفع الأذان، وفوق هذا أحياناً يأتي الجيش في وقت الصلاة ويحاول الجنود منعي من إقامتها في المسجد".. يقول عسيلي لـ"الحياة الجديدة" إن هذا المستوطن طبيب متقاعد يقيم في البيت الذي يعتلي دكانه منذ سنوات طويلة. ويروي عسيلي كيف تعرّف على المستوطن الذي يقوم بمهمة فحص جثث الشهداء الذين ينفذون عمليات ضد الاحتلال عند باب الحرم الابراهيمي. ويتابع: في كل مرة تقع عملية يأتي هذا المستوطن عند باب متجري القديم في ذات المنطقة التي تشتعل بالأحداث ويطلب مني إغلاقه وأطلب منه أن يمهلني وقتاً أطول لأقوم بإدخال بضاعتي بهدوء لأنها ثمينة، ومع تعدد الأحداث أصبحنا نتداول الحديث أكثر وتعرّف علي". ومع كثافة الأحداث عند باب الحرم نقل الشيخ عبد السميع متجره إلى باب "خان الوكالة" ليتفاجأ ذات يوم بأن "يعكوڤ" يحتل بيتا فوق متجره الجديد ويطلب منه أن يكون جاراً جيداً له. المستوطن "يعكوڤ" بدأ يصب غضبه على الشيخ عسيلي، وطلب منه ان يمتنع عن رفع الأذان، رغم أن الأيام وضعتهما في مواقف حل قضايا معينة تعلق بينهما، "مواسير الصرف الصحي الخاصة بالبيت الذي استولى عليه يعكوڤ تعطلت وأصبحت تفيض على باب متجر الشيخ عسيلي فاضطر للحديث معه وقاما بإصلاحها وتوصيلها الى شبكة الصرف"، وكأنها مفاوضات ميدانية على الأرض بين هذا المسن وذاك المستوطن. ينتظر الفرج... وعند السؤال عن تقديم شكوى ضد المستوطن، يقول عبد السميع: "الشكوى لا تفيد.. والمصلون باتوا يعرفون سبب عدم رفع الأذان، لكن الصلاة تقام في المسجد فيأتون عند سماع صوتي ويصلّون، رغم محاولات الجيش منع الصلاة احياناً". وتابع: "هم أحياناً يلقون الحجارة علينا، ويرمون النفايات أمام المسجد، وفي أعيادهم يعتدون على المارة من المكان، وكذلك عندما ينفعل جندي فوق الأسطح لأي سبب كان، تراه يحفر بقدمه ويرشق تراباً ويرمي أوساخاً على السوق". يصمت الشيخ عبد السميع برهة، ويسرح بنظره إلى الأسلاك الشائكة، وإلى البيت الذي احتله المستوطن يعكوڤ ويقول بصوت خافت: "هاي أيامهم، واحنا ما النا حدا يساعدنا في المنطقة، وعلى هالأساس بتشوف الجنود بمنعوا الناس يوصلوا للمسجد ويصلوا فيه، وبمنعونا نرفع الأذان، وبمنعوا حتى من الوصول للحرم الابراهيمي، وبفتشوا الناس وبنكدوا عليهم حتى يهربوا، لكن سنبقى صامدين وصابرين حتى يصلنا الفرج من عند رب العالمين". وقال عسيلي إن المستوطنين اليوم يمنعونه من اقامة الأذان بالسماعات، ولا يستبعد ان تصل بهم الحال لمنعه من رفعه بصوته، لكن رغم ذلك يؤكد أنه سيبقى صامدا حتى لو تعرض للاعتداء المباشر، "لو بننضرب أو ننطخ". "الخان استراحة.. ورجب باشا أمر بترميمه" "هذا المكان يسمى خان الوكالة وهو اسم تركي، تم ترميم المسجد عام 1130 هجري، بأمر من رجب باشا"... يوضح امام المسجد راضي زاهدة، ويضيف "المكان الواسع الذي يضم المسجد كان استراحة للتجار المارة ويقسم الى قسمين يتضحان من خلال الأقواس، احداهما للتجار والآخر لدوابهم ولتجارتهم، كما يضم بئر ماء". وتابع في حديث لـ "الحياة الجديدة": "مساحة المصلى صغيرة لا تتجاوز 30 مترا، ويمنع الاحتلال منذ عشرات السنين محاولات توسيعه، وعمليات ترميمه وتنظيف محيطه". وأضاف زاهدة أن المستوطنة القريبة من المسجد، ويقطن فيها "يعكوڤ" يطلق عليها اسم "ابراهام افينو"، اقيمت على أنقاض سوق لبيع الخضار "حسبة" وهي الآن مغلقة ومحتلة، وتعتلي المبنى المجاور لها نقطة مراقبة عسكرية اسرائيلية. ويؤكد أن وجود المستوطنة ونقطة المراقبة تحول دون رفع الأذان في المسجد عند صلاة الفجر، وفي الفترة المسائية يصبح الوصول الى المكان مخاطرة ومجازفة. ويمنع المستوطنون رفع الأذان بحجة أن "السماعات تزعجهم"، على الرغم من وجود مواطنين يجاورون البيوت التي يحتلها المستوطنون مباشرة، وبعض البيوت الفارغة بالقوة أو الإرهاب الذي يتعرض له سكانها. ويقول زاهدة إن غالبية المصلين هم تجار وبعض السكان، وتقام الصلاة أوقات الظهر والعصر وأحيانا المغرب، لأن المستوطن يهدد بشكل مباشر بسلاحه بإغلاق المسجد، "كنّا نضع السماعات وجهاز مكبر الصوت ونأتي في الصباح لا نجده، وأصبحنا بعد ضغوطات المستوطنين وتهديدات الجيش نرفع الأذان بأصواتنا امام مدخل المسجد". على طول متاجر سوق البلدة القديمة، تروي وجوه الناس قصصا إخرى لتجاربهم مع إرهاب المستوطنين الذين يحتلون منازلهم، فربما هنا "يعكوڤ" واحد يمنع الأذان، وعلى بعد أمتار قد يكون هناك "يعكوڤ" آخر يمنع العبور، وبعده يمنع "يعكوڤ" ثالث، الأطفال من اللعب أمام بيوتهم.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد