فسحة للرأي

تجسيد النبي فنيا!

حافظ البرغوثي |
تجسيد النبي فنيا!

 كتب - حافظ البرغوثي:  شاهدت رسما متخيلا لوجه المسيح عليه السلام في صحيفة غربية  وفقا للوصف الجديد فإذ به وجه فلسطيني عادي  بملامح فلاحية وشعر اسود أجعد وعينين عسليتين، بعكس ما يتم اظهاره به في الرسوم والافلام كشاب اشقر ازرق العينين بشعر اشقر مسترسل على كتفيه. هذا التباين يفترض ألا نحاول تجسيد الأنبياء فهم وان كانوا بشرا الا انهم منزهون عن تقليدهم او تجسيدهم  فنيا، وقد استعاض المخرجون  بالنور بدلا من ابراز وجه الانبياء في بعض الافلام العربية كفيلم الرسالة، ومؤخرا اخرج مخرج ايراني فيلما عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واظهره كطفل جسديا، ولكن دون اظهار الوجه. هناك من يقول انه لا ضرر في تمثيل الانبياء  وهناك من يعارض بقوة ، ولا أظن ان إظهار الوجه سيخدم الفيلم او الرسالة من ورائه، لأن سلوك الممثل الدنيوي  سيرتبط  بالشخصية النبوية  وقد يتحول اي سلوك لاحق او سابق  للممثل موضع سخرية واسفاف ما يمس الشخصية التي مثلها. فللشخصية النبوية  لكل الانبياء حرمة لا يجب المس بها كما ان لهذه الشخصية  قداسة مستوحاة من الرسالة السماوية التي  حملها، فالظهور الجسدي لا يخدم  الشخصية  ويفقدها الهيبة التي كانت  في الأذهان، بل ان  هناك هيبة  خفية او هالة من الإجلال والجمال  في وجوه واصوات وتصرفات بعض الانبياء كان يشعر بها من يرونهم او يرافقونهم او يخاطبونهم وهي من سمات النبوة ولا يمكن اظهارها بالخدع السينيمائية. فالنور يكفي لايصال الرسالة فما كانت علامات النبوة مجرد رسالة، بل لازمتها علامات في السلوك وطريقة الحديث ونبرة الصوت وحسن الخلق والخلقة، وهذه كلها لن تظهر سينيمائيا مما يخفض من مستوى النبوة الى مصاف البشرية العادية. الغموض مطلوب في ملامح الانبياء ومن يقرأ الاوصاف التي وصف بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يستنتج ان لا قدرة لأي ممثل في تجسيدها لأنها اوصاف نبي. ومن تفاصيل مما روي عن وصف لوجه الرسول الكريم لا يمكن لأحد ان يمثله ولا لرسام ان يرسمه كالتالي "تقول أم معبد رضي الله عنها" في عينيه دعج (سواد العين), وفي أشفاره وطف (في شعر أجفانه طول) وفي صوته صحل (بحة وخشونة), وفي عنقه سطع (طول), أحور أكحل, أزج (الحاجب الرقيق في الطول)". وقال ابن عباس رضي الله عنه: "كان أفلج الثنيتين (بعيد ما بين الأسنان), إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه. وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: " كان ضليع الفم (عظيم الفم, والعرب تمدح هذه الصفة", أشكل العين (طويل شق العين)". وجاء في خلاصة السير أنه "أقنى العرنين (ارتفع أعلى أنفه واحدودب وسطه وضاق منخاراه؛ وهي غاية الجمال لمنظر الأنف, والعرنين أي الأنف وما صلب منه), وفي لحيته كثاثة. وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: رأيت بياضاً تحت شفته السفلى " العنفقة", وقال عبد الله بن بسر رضي الله عنه: "كان في عنفقته شعرات بيض", وجاء في مشكاة المصابيح: "وكان إذا غضب احمر وجهه, حتى كأنه فقئ في وجنته حب الرمان".

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد