فسحة للرأي

ضريبة السكوت عن الحق

ميساء الشامي |
ضريبة السكوت عن الحق

كتبت - ميساء الشامي:  اعتداءات باريس التي وقعت مساء الجمعة 13 نوفمبر 2015، استهدفت ستة مواقع مختلفة وأوقعت 129 قتيلا على الأقل ونحو 352 جريحا، حصيلة قابلة للارتفاع وفق الوكالة الفرنسية للأنباء.

ومن يطالع اليوم وكالات الأنباء العالمية، يقرأ عن تنفيذ غارات فرنسية على مواقع "تنظيم الدولة الإسلامية" بالرقة في سوريا، ويقرأ عن حاملة الطائرات الفرنسية التي تنتشر في الشرق الأوسط لتتحرك سريعاً للمنطقة، ومطالبات  الرئيس الفرنسي بتعديلات دستورية لمواجهة الإرهاب.

ويقرأ أيضاً إدانات رؤساء وقادة الدول حول الحادثة التي اعتبروها جميعهم "غير متوقعة الحدوث"، وفيما يلي بعد الاقتباسات على لسان بعض الرؤساء، أولها اعتبار الرئيس الأمريكي الحادثة  بأنها "جريمة ضد الإنسانية جمعاء"، و وصفت وزارة الخارجية السعودية الحادثة بأنها نتيجة أعمال "بربرية"، بينما أعربت ميركل المستشارة الألمانية عن "صدمتها الشديدة" لما حدث في باريس، وقال  المتحدث باسم الرئيس الروسي بأن ما حدث في باريس هي"اعتداءات شنيعة"، و من جانبه أدان الرئيس التركي اوردغان الواقعة، قائلا:ً "احتجاز رهائن في صالة مناسبات أمر لا يمكن تبريره في جميع القيم الإنسانية والأخلاقية".

لماذا هذه الأخبار و الأنباء والإدانات لم نكن نسمع عنها من قبل عندما قتل 100 بريء في لبنان، و 500 في فلسطين، و 400 آلاف في سوريا، و 200 بريء في اليمن، و 1.5 مليون عراقي على مدار 5 سنوات نتيجة لعدم الإنسانية والوحشية و الإرهاب الذي تتحدثون عنها اليوم في فرنسا.

نعم ما حدث في فرنسا هو أبشع أنواع الجرائم التي ترفضها جميع الديانات والقيم و الإنسانية، ولكن أيها القادة من المسؤول عن تطور هذا الإرهاب و نشره في العالم؟! من الداعم له لكي يجرأ على تفجير معلب دولي يعلم أن رئيس احد الدول العظمى متواجد فيه؟! من هو الذي رعى الإرهاب ليصبح يهدد أمن وسلامة رؤساء الدول؟! من الذي يمنحه التراخيص و يقدم له التسهيلات والمعونات ويمده بالسلاح و يسخر له الموارد؟1! من الذي حرّكه ليفتك في العالم العربي و يدمر سوريا و العراق ولبنان واليمن وفلسطين، أليس أنتم؟!

ألستم من رعى الإرهاب واعتدى على الإنسانية وسفك دم الأبرياء! وسلب من الكثيرين حقهم في الحياة، وتأتون اليوم تستنكرون هذه الأفعال، وترفعون حالة الطوارئ و تطلقون طائراتكم الحربية لمواجهة الإرهاب في المنطقة، أين كانت طائراتكم وقراراتكم السياسية ووحدة المجتمع الدولي في الخطاب عندما يقتلون الأبرياء في سوريا و العراق، لماذا التزمتم الصمت وإسرائيل تقتل في الشهر الواحد مئات الفلسطينيين وتهدم بيوتهم وتعرّي نسائهم و تترك أطفالهم ينزفون على قارعة الطريق دون منقذ أو مغيث؟؟

هل يعقل أن الفرنسي هو وحده الإنسان الذي يستحق الحياة، ونحن حياتنا رخيصة تقدم طعام بارد لفريسة مصعورة، تباً لضمائركم الافتراضية المزيفة يا زعماء العالم.

إن الإسلام بريء من أفعال داعش، كما الإنسانية بريئة من أفعالكم و إداناتكم، ونحن لا نستغرب من صوتكم الذي صدح بعد الاعتداء على فرنسا، فآخر ما يتوقعه المرىء أن يقوم كلبه الذي رباه بعضه,,,

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد