فسحة للرأي

الهروب إلى المجهول

عمر حلمي الغول |
الهروب إلى المجهول

 كتب - عمر حلمي الغول:  مع تفاقم ازمة المشروع الوطني، وانسداد الافق أمام عملية التسوية السياسية نتيجة الاستعصاء الاسرائيلي، وتخندق قيادة الائتلاف المتطرف الحاكم في مواقع الاستعمار وخيار الترانسفير، يذهب بعض السياسيين الفلسطينيين للبحث في دفاتر الماضي، لفقدانهم الثقة بالعامل الوطني، وكنوع من محاكاة القوى العربية والاقليمية ومغازلتها دون التدقيق في قراءة مواقفها، مع ما يحمله هذا الموقف او ذاك من هروب الى المجهول.

في الاونة الاخيرة بادر الدكتور سري نسيبة لاستحضار خيار الفيدرالية مع المملكة الاردنية للخروج من عنق الزجاجة، على اعتبار انه المشروع القابل لحمل ما يمكن حمله من المصالح الفلسطينية. وتناسى نسيبة او أسقط من حساباته، اولا ان الاردن بعد فك الارتباط، لم يعد مستعدا لاعادة تبني المشروع، وتأكيدا لذلك طرح شعار "الاردن، هو الاردن، وفلسطين، هي فلسطين"؛ ثانيا تأكيد القيادتين الفلسطينية والاردنية، ان اي وحدة كونفدرالية او فيدرالية مرهونة باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ ثالثا عدم تجاوب الشارع الفلسطيني مع هذا الخيار ارتباطا بما تقدم، وحرصا من الفلسطينيين على تثبيت الهوية الوطنية على الارض الفلسطينية؛ رابعا رغم عمق الازمة، التي يمر بها المشروع السياسي الفلسطيني، إلآ ان القيادة والشعب لم يفقدا الامل في بلوغ هدف الاستقلال وإقامة الدولة؛ خامسا ايضا هناك خشية اردنية من مثل هذا الطرح، ناجمة عن إمكانية عودة إسرائيل لطرح "الوطن البديل"، لاسيما وان الائتلاف اليميني الحاكم لا يحسب حسابا لاية تحالفات سياسية تتعارض مع خلفياته الايديولوجية والاستعمارية.

لكل ما تقدم لم تكن فكرة استحضار خيار الفيدرالية مناسبا. وتعكس هروبا من الواقع إلى متاهة جديدة إشكالية للاردن الشقيق ولفلسطين وقيادتها. وكان الاجدر بالدكتور سري، ان يبحث عن مخارج ذات صلة بالمشروع الوطني، والبحث في تفعيل وتطوير المواجهة مع المشروع الاستعماري الاسرائيلي من خلال تصليب الذات الوطنية من خلال النهوض بادوات الفعل الوطني السياسية والتنظيمية والشعبية. اي ترتيب شؤون البيت الفلسطيني بالعمل على اولا عقد المؤتمر السابع لحركة فتح؛ عقد المجلس الوطني، وتجديد الشرعيات، ووضع برنامج سياسي جديد؛ إحداث قفزة نحو المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية ولمجلس وطني؛ وقف التنسيق بكل اشكاله إن لم تلتزم إسرائيل بما تم الاتفاق عليه في الاتفاقيات المبرمة معها؛ عودة إسرائيل لما كانت عليه عشية ال28 من سبتمبر/ ايلول 2000.

يترافق مع هذا التوجه ملاحقة إسرائيل في المنابر الاممية: مجلس الامن والجمعية العمومية للامم المتحدة، لجنة حقوق الانسان التابعة لها، محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المنابر الاممية. وايضا السعي لتطوير المواقف العربية، ونقلها من حالة الشعار والموقف إلى الترجمة الفعلية للقرارات العربية؛ وايضا تطوير مواقف القوى الاسلامية ومنظمة عدم الانحياز، وتفعيل التوجهات الدولية الايجابية مثل مشروع المبادرة الفرنسية .. وغيرها من التوجهات ذات المردود الايجابي لتصليب الذات الوطنية.

من يغار على المصالح الوطنية، عليه ان يصوب تفكيره واجتهاداته نحو الارتقاء بالمشروع الوطني. وهذا لا يتناقض مع تعزيز العلاقات الاخوية مع الاردن الشقيق ومع الكل العربي. ولكن اولا وثانيا وثالثا.. وعاشرا التركيز على استنهاض الذات الوطنية، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني بما يعزز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الاسرائيلية والانقلابية.

oalghoul@gmail.com
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد