فسحة للرأي

النكبة ليست قدرا ابديا

سامر عنبتاوي |
النكبة ليست قدرا ابديا

 كتب - سامر عنبتاوي:  النكبة ليست قدرا مستمرا الا اذا قبلناها و اذا تعايشنا معها و اذا اصبحت ضمن مقردات التسليم و الاستسلام لواقعها و نتائجها ..النكبة لن تستمر الا اذا تغلغلت في العقل الباطني و الوجدان ...النكبة مفردة قد تعني الكثير و لكن لا تعني ابدا الاستسلام الا اذا الغينا مباديء رفضها و الغاء نتائجها من قواميسنا ...النكبة تتجدد عندما نعايش و نتعايش مع مؤسسيها و داعميهم ...و النكبة تبقى اذا بررنا وجود الظلم التاريخي بالاحقية في الحياة و الامن و الرفاهية على حساب ضحاياها .

بكلمات بسيطة نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 جائت نتيجة حقبة تاريخية و مخاض دولي بعد حرب عالمية فرض فيها المنتصر قوانينه و احكامه و طوع الاقليم باكمله للاقتسام بين المنتصرين ( بريطانيا و فرنسا ) فحصل زواج غير شرعي بل زواجا شاذا بين سايكس و بيكو لينتج ابناء لقطاء بلا ابوين من خلال حدود مصطنعة فرضت على شعوب المنطقة و وضع الطفل الاخير الذي ولد قبل موعده في الحاضنة البريطانية ليخرج كمسخا مصطنعا ب( دولة ) مفروضة قامت على جماجم و املاك السكان الاصليين ...و سموها نكبة .
تآمر المتآمرون الدوليون و الاقليميون و ساندوا عصابات على طريق الدولة ..و الثمن كان لا بد ان يكون ضحايا بالقتل و التهجير القصري ...فهوجمت القرى و احرقت البيوت و شردوا الاهالي و استوطنوا البلاد بالسلاح والدعم و بتواطؤ الانتداب البريطاني فزرعت دولة الاحتلال على الاشلاء و الدم و الجماجم و راهنوا على موت الكبار و نسيان الابناء و الاحفاد.. و اصبح حتى الحديث عن العودة الى الاراضي التي هجر منها اهلها نوعا من عدم الواقعية و وصف بضرب من التعجيز و اصبح العمل مستمرا على تذويب مفهوم العودة و مقايضته بلا شيء سوى الحلول الهزيلة .
و جائت اتفاقية اوسلو على الطريق لتؤجل ( الحلول النهائية ) كحق العودة و اخوته الشرعيين كالقدس و الحدود و المياه و الدولة و الاستيطان ..كله يجير الى ( الحل النهائي ) ..معادلة غير مفهومة لابسط البسطاء ..اذا كانت هذه حلول نهائية و الاستيطان مستمر و العمل على التهجير من الضفة و خاصة القدس مستمر فاي حق عودة سيتم بعد استعار و استمرار الاستيطان ؟! ثلاث و عشرون عاما مروا منذ اتفاق اوسلو فكم من المهجرين غادر الحياة ؟! و كم من المهجرين هجروا للمرة الثانية و الثالثة ؟! و كم مخيم هوجم و دمر ؟! و اصبح الحال الفلسطيني مرتبطا فقط في البقاء على قيد الحياة و سد الرمق و اصبح الحديث عن العودة و القدس ترفا فكريا ( موضة قديمة ) ..فابقوا في مخيماتكم ايها اللاجئون باقسى ظروف المعيشة و الحياة حتى تسنح الفرصة لتهجريكم مرة و مرات !! و تشردوا في اصقاع العالم ايها المغتربون بلا هوية او جواز يحمل اسم بلدكم لينعم القادموان الجدد من اصقاع العالم بارضكم و بيوتكم !! هذا ما خطط و اريد له النجاح : انهاء و الغاء مفهوم حق العودة و هذا ما حملته معظم بل جميع المبادرات الدولية و الاقليمية ..مقايضة او تناسي حق العودة ..فهل استسلم الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج لهذا الواقع ؟؟ بالتأكيد لا و لو عقدت الاتفاقات و تناثرت المبادرات يبقى حق العودة حق شخصي و جماعي لا يسقط بالتقادم مهما كبرت المؤامرات و لا تزال المخيمات شواهدا على التمسك بالعودة و لا زالت المفاتيح في الجيوب و لا زال طعم برتقال حيفا في الحناجر و لا تزال مياه طبريا تسبح فينا و نسبح فيها .
هذا ليس كلاما عاطفيا بل حقائق و المثل العامي يقول : ما غاب حق وراه مطالب ..و سيبقى الحق حق فلسطيني تكفله الشرعية الدولية و عدالة السماء ..و سيبقى الشعب الفلسطيني يدافع عن حقه و لن يستسلم و هو على قناعة تامة بحقوقه التي لا تسقط بالتقادم و سيبقى الطفل كما الشيخ متمسكا بحق العودة و لو تنصل منه او اهمله بعض القيادات و المنظرون للواقعية المستسلمة .
نعم الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكا بالعودة و القدس و مرتبطا بالارض و مدافعا امينا عن قضيته رغم تخاذل البعض و تواطؤا و تآمر البعض ..فلن يستمر حال على حاله و لن يستمر الظلم ..فاحتفلوا ب ( يوم استقلالكم ) الذي بني على نكبتنا و سنحتفل يوما ما بانتهاء نتائج النكبة بعودتنا و يرونها بعيدة و نراها قريبة ..فالنكبة ليست ابدية و ستنتهي .

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد