تقارير وتحقيقات

على عينك يا تاجر...!! المنشطات والهرمونات في غزة

|
على عينك يا تاجر...!! المنشطات والهرمونات في غزة

كتب - عبد الرؤوف أبو عاصي:  هوسٌ شديد بجسمٍ مفتول العضلات، ومثالي البُنية، ومعدة مسطحة، وقوام رشيق؛ دفع الكثير من الشباب للجوء إلى المكملات الغذائية مجهولة المصدر، أو ما تحتويه من مكونات يُضاف إليها بعض المنشطات والهرمونات الخطرة، والتي يهدف أصحابها إلى جني الأرباح فقط، بغض النظر عن ماهية العواقب الوخيمة التي قد تؤثر على صحة متناوليها.

الإقبال على تلك البروتينات باتت ظاهرة ملحوظة بين الشباب، وخاصة الرياضين منهم لتكوين بنية جسمية، وعضلات خلال فترة قصيرة بشكل ملفت للانتباه؛ دون وعي أو اهتمام إلى نتائجها على صحتهم لاحقاً.

                                                      انهيار جسدي !
الشاب فارس -اسم مستعار- كان أحد ضحايا تلك المنشطات، قابلته "سما" ليتحدث لها عن تجربته قائلاً: " عانيت لشهور عدة من أمراض سببتها لي تلك المنشطات بعد أن تناولتها بشكل مكثف دون معرفتي الآثار الجانبية والأضرار التي قد تعود على صحتي".
وأضاف فارس: " كنتُ أمشي في شوارع الحي، وأرتدي ملابس ضيقة لأتفاخر بجسمي وعضلاتي بعد أن التحقت بنادي كمال الأجسام"، موضحاً أن أحد أصدقائه عرض عليه تناول المنشطات التي تساعد في بناء جسمه بشكل أسرع" .
وتابع : " في البداية كنت خائفاً من تناولها، لكن بعد أن طمأنني صديقي في النادي تناولت بعض الحبوب التي كانت تحتوي على البروتينات، ومن ثم لجأت إلى العقاقير المنشطة، وبالفعل برزت عضلات جسمي سريعاً بفعل هذه المنشطات".
وأردف: " لكن بعد أشهر قليلة توقفت عنها، وهنا وقعت الكارثة حيث بدأت تظهر على جسمي علامات ضمور العضلات وترهلها، إضافة الى مشاكل في المعدة والإرهاق الشديد"؛ مؤكداً بأنه يخضع حالياً إلى علاج مكثف بناء على وصف الطبيب المختص، كي يتخلص جسده من تلك المنشطات والهرمونات المترسبة.
                                                  تجارة فقط
يذكر أنه بات من الملاحظ أن بيع تلك المكملات لا تباع في الخفاء وإنما هناك معارض لبيع تلك المنتجات الصناعية وعلى مرأى من الجميع؛ وتلجأ بعض النوادي الرياضية والصالات المتعارف عليها لبيع تلك المنتجات بسعر باهظ يصل إلى(250 – 350) شيكلاً، وهناك أصناف أخرى تتضاعف فيها الأسعار مثل منشط "الأنابول" أو "الداينابول" الذي ينتشر بشكل كبير بين الرياضين في النوادي.
وقد أصبح بيعها بهدف تجاري بحت لكسب المال دون رقابة تذكر، وعلمت "سما" بأن دخل النادي الرياضي لا يأتي من الاشتراك الشهري الذي يدفعه المتدرب، ولكنه يأتي من خلال بيع تلك المنتجات للمتدربين؛ دون الاكتراث لما تسببه تلك السموم على صحة المتناول.

                                                       داء وليس دواء
وحول الفرق بين المكملات الغذائية والمنشطات قالت أخصائية التغذية يقول د. سمر النخالة: "إن المكملات الغذائية هي مستحضرات هدفها دعم وتنظيم النظام الغذائي الطبيعي وتتكون من الأحماض الأمينية ومستخلص النباتات والدهون الصحية، وليس هناك ضرر على متناوليها بعد وصف الطبيب المختص لها".
وأوضحت بأنها لا تُستخدم فقط للرياضين؛ بل إن هناك أطفالاً حديثي الولادة ينقصهم فيتامين (د) فيتم تزويدهم بها، وأن بعض النساء قبل الحمل يحتجن إلى بعض الفيتامينات والبروتينات، كما وينصح الأشخاص الذين يعانون من خلل في النظام الغذائي بتناول المكملات، ولكن بقدر محدد؛ بناءً على التحاليل الدورية لكل مريض وما يتم إعطاؤه له من الطبيب.
ونوهت النخالة إلى أن إساءة استخدام المكملات الغذائية يتسبب بعجز في وظائف الكبد والكلى وهشاشة في العظام، وكذلك اختلال نسبة السكر في الدم وارتفاع الضغط.

                                                   خطرٌ شديد
أما بالنسبة للمنشطات والهرمونات المضافة إلى المكملات الغذائية التي يتناولها الرياضيون بشكل خاص، شددت النحالة على أنها تُعتبر من أخطر المستحضرات، والتي يكون مضافاً اليها هرمون "التستوستيرون"، و"الكورتيزول"، و"الاندروفين" بتركيز عال، من شأنها أن تزيد كتلة وحجم العضلات في الجسم.
زيادة تلك الهرمونات في الجسم بمعدل غير طبيعي يتسبب بكارثة قد تحل على متناولها؛ كونها تعمل على اختلال وعدم اتزان في جسم الإنسان، ينتج عنها اضطراب بدني ونمو غير صحي، فيعاني متناولوها بعد فترة قصيرة من أمراض عديدة كالضعف الجنسي والسرطان ومشاكل في الجهاز الهضمي والعصبي واضطرابات نفسية، وتختلف الأمراض حسب اختلاف الاشخاص والكمية المتناولة.

ونصحت النخالة الأشخاص الذين يتناولون تلك المستحضرات سواءً كانت على شكل عقاقير أو كبسولات أو مساحيق أو حقن بالتوقف فوراً عن تناولها، لما تسببه تلك المنتجات المصنعة من خطر كبير على صحة وجسد الإنسان.

وفي ذات السياق، أشارت دراسة منشورة في موقع الصحة العالمي إلى أن خطورة المنشطات على اللاعب قد تصل إلى حد الوفاة، عند استعمال المنشط يصل باللاعب إلى مرحلة من الإجهاد الفسيولوجي، واللاعب الذي يعتاد على تناول الحبوب المنشطة نجده يتناول في كل مرة نسبة أكبر من سابقها إلى أن يصل إلى درجـة التسمم.

                                                    مصادر غير موثوقة
وعلى الصعيد الرقابي التقت "سما" مع الإدارة العامة للصيدلة والمسؤولة عن إتاحة الأصناف الدوائية في السوق وتحديد الأسعار وتحدث مديرها د. منير البرش عن أن المكملات الغذائية غزت السوق الدوائي من فترة طويلة، وكانت تخضع تلك المكملات إلى قانون دائرة التسجيل الدوائي منذ عام 2010م.
وأضاف: " لوحظ في الفترة الأخيرة وجود أصناف عديدة مجهولة المصدر والمنشأ تهرب بطرق التفافية وغير شرعية، سواء عبر المستوطنات الاسرائيلية المحاذية للقطاع أو عبر الأنفاق على الشريط الفاصل مع مصر، ولذلك اضطرت الوزارة لتعديل النظام المتبع على تلك الأصناف، وبدأت حديثاً بإشعار الشركات المستوردة للمكملات أن تسجل جميع الاصناف لدى دائرة التسجيل الدوائي.
                                                  تشديد للرقابة
وأكد البرش أن الوزارة ستعمل على تشديد الضوابط والمعايير في منح تلك المكملات الغذائية؛ لأن السبب بات واضحاً من انتشارها، وهو جشع وطمع بعض التجار من أجل تحقيق أكبر عائد مادي، وكذلك سوء استخدامها من الشباب.
ونوه البرش إلى أن المكملات المضاف إليها الهرمونات والمنشطات هي ممنوعة ومحرمة ليست فقط في فلسطين بل بكل دول الإقليم، وسيتم اتخاذ إجراءات حازمة فيما لو ثبت أن بعض التجار يتعاملون مع تلك الأصناف التي تسبب الخطر الشديد على صحة الناس وتهدد حياتهم.
                                                      سيتم حجزها
وفي سياق متصل، أكد رئيس قسم التفتيش الصيدلي في وزارة الصحة د. رأفت رضوان أن هناك تعاوناً بين الرقابة والتفتيش والادارة العامة للصيدلة، من خلال تزويدنا بالكشوفات المسموح لها، وإذا ثبت واكتشفت طواقم العمل في الرقابة أية مخالفات تذكر سواءً كانت تتعلق بمنتجات ليس لديها أي أصل أو اعتماد، أو أن الاصناف منتهية الصلاحية ولا يوجد عليها طابع وزارة الصحة سيتم الحجز عليها، وسحبها من السوق ، وأخذ كافة الإجراءات القانونية مع الشركة أو المستورد.
وبين د.رضوان أنه وبعد نفاذ الفترة القانونية التي تمنح للتجار والمستوردين سيتم العمل وفق النظام القانوني الصحي المتبع.

                                                    حياة صحية
وخلال لقاء "سما" مع بطل كمال الأجسام ورفع الاثقال السابق ممدوح السموني والحائز على العديد من الجوائز المحلية والدولية، أكد بأن التمرين المكثف والغذاء الصحي المتكامل والراحة الكافية هو أساس بناء جسم صحي ورياضي ، موضحاً أن أغلب ما يروج له في الأسواق والنوادي من مكملات غذائية أو منشطات هي خطر على صحة الرياضي .
وقال السموني: " في بلادنا تتوفر جميع أنواع الأغذية الطبيعية التي يحتاجها الرياضي، والتي من خلالها يمكن الاستغناء عن تناول تلك المكملات والمنشطات، وخلال تجربته الاحترافية لم يتناول أي من تلك المستحضرات على الرغم من توفرها في ذلك الوقت".
ونصح الرياضين بالابتعاد عن تلك السموم التي ستودي بهم إلى الهلاك ، مؤكداً أن الصحة هي أكبر ثروة يمتلكها الانسان في حياته، يجهلها في صغره ويبحث عنها في كبره.
 
(وكالة سما)
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد