فسحة للرأي

الدرس التركي لمناصري الاخوان

أيهم ابو غوش |
الدرس التركي لمناصري الاخوان

 كتب - ايهم ابو غوش:  الجدل الدائر في الفيسبوك حول مع الانقلاب او ضده لن ينتهي بعد، لكن ما لفت نظري هو التأييد الصارخ من المؤيدين لأنصار الاخوان المسلمين في مختلف الدول لاردوغان وحزبه، وكأنهم يقرأون على شيخ واحد بينما انقسم مؤيدو التيارات الأخرى بين مؤيد ومعارض، بين من اراد الانتقام لمواقف اردوغان من القضايا الاقليمية وبين من رآه "المهدي المنتظر"، على كل وأنا احمد الله أن محاولات الانقلابيين قد باءت بالفشل لأنها جنبت تركيا حقل دماء جديد في المنطقة، وحما ديمقراطيتها وتجربتها المدنية الرائدة، فإنني أدعو مناصري الاخوان المسلمين عموما وأخوتي مناصري حركة حماس على وجهه خاص إلى تعلم الدرس التركي جيدا، بناء على ملاحظاتي الشخصية التالية:

أولا: الديمقراطية في تركيا ليست صوتا انتخابيا وعملية اقتراع فحسب، هي نهج حياة أساسه أن "الأغلبية الشعبية تحكم"، وأن المجتمع المدني يحتمل التنوع الفكري والاجتماعي والحضاري، ونزول الشارع التركي سواء كان مؤيدا لاردوغان او مختلفا معه هو دافع عن التجربة الديمقراطية وليس عن الشخصيات، دافع عن "العلمانية" التي أفرزت اردوغان وحزبه للحكم.
ثانيا: لم تتدخل الدولة في الحريات الفكرية او الشخصية ولم تكفر فردا لأنه خالفها المعتقد، اختلفت مع التيارات المناهضة في طريقة إدارة الحكم، لكنها تتفق معها حول الهوية الوطنية.
ثالثا: الانتخابات جزء لا يتجزأ من المنظومة المجتمعية والسياسية ككل، الاعتراض يكون بالوسائل السلمية واقناع الآخرين يكون بالحجة والبرهان والبناء المؤسسي على الارض، ومن رضي بالأغلبية اليوم عليه ان يكون مستعدا ليلعب دور الأقلية غدا، الانتخابات دماء متجددة لا وسيلة لاختطاف السلطة وكفى.
رابعا: الاولوية في التجربة التركية للداخل مع أهمية السياسة الخارجية، ولهذا نرى أن فوز اردوغان وحزبه في عدة انتخابات هو استند على عوامل داخلية تمثلت بنجاحه في تحقيق انجازات سواء على الصعيد الاقتصادي او على صعيد بناء المؤسسات.
خامسا: اسلمة المجتمع ليست واردة في أجندة الحزب الحاكم في تركيا مع أهمية العودة للأصول ومناداته بالمحافظة، لكنه (وهنا لا ادعو إلى محاكاة التجربة في هذا الجانب) نراه يعمر المساجد لكنه يترك للأفراد حرية دخول الملاهي الليلة وشرب الخمر في الأماكن العامة، ترى المحجبة والمنقبة في شوارع اسطنبول، وترى كذلك السحاقيات يتمشين في أزقتها.
المراد، إن المعجب بالتجربة التركية عليه ان يحاكيها او على الأقل أن يأخذ المفيد منها، فرفضي مثلا للحزب الآخر لا يعني تكفير أفراده ولا تخوينهم، وعندما افوز او اعترض او احتج انزل إلى الشارع رافعا علمي الوطني لا أقوم بانزاله كما حصل من انصار حماس بعد فوز الحركة بانتخابات المجلس التشريعي، إذ قامت بإنزال العلم عن مقر المجلس التشريعي برام الله، ولا بالنيل من رموز الشعب الوطنية كالدوس في غزة على صورة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
إن من يرفض الانقلاب في تركيا ومن قبلها في مصر، عليه ان يرفضه ايضا هنا، لا أن يلجأ إلى عمليات سحل في الشوارع لا أن ينتقم باقصاء الآخرين وعلى كافة المستويات.
ستقولون يا اخوتي طبعا، شتان بين هذا وذلك، في فلسطين كان "حسما عسكريا" بعد أن منعنا من الحكم رغم حصولنا على الأغلبية.
جوابي: فوز حماس بالتشريعي خلق سلطة برأسين، رأس اسمه التشريعي وقد حصلتم على الاغلبية فيه، ورأس الرئيس الذي أعطاه القانون الاساسي صلاحيات واسعة وقد جاء هو الآخر بأغلبية شعبية، ما حصل انكم استعجلتكم السلطة بكل صلاحياتها ولم تنتظروا تغييرا تدريجيا في الحكم على الشاكلة التركية، تدريجا يأخذ في الاعتبار محددات النظام القائم ويبني عليه لا أن يلغيه ويأتي بقالب جاهز.
انتم لجأتم إلى عمليات سحل في الشوارع، وفي ذلك هدم لمقومات المجتمع المدني وهو مرفوض تماما أيا كانت المبررات.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد