فسحة للرأي

روابي وصابر والضابط الإسرائيلي

بشار دراغمة |
روابي وصابر والضابط الإسرائيلي

 اخباريات/ كتب - بشار دراغمة:  روابي مدينة فلسطينية ظهرت "فجأة"، زاحمت مدناً لا زالت تحتفظ بأسمائها منذ قرون، هي بالأساس مشروع تجاري استثماري بامتياز، كل شئ فيها يبدو رائعا، أبنية حديثة، مدرجات هي الأكبر في الوطن العربي، أشجار تعانق المكان بجمالية تكاد تحجب مشهد المستوطنات المرعب الذي يحاصر الأرض والإنسان.

جمالية روابي لن تستطيع أن تنزع بساطة الجمال من البلدة القديمة في القدس المحتلة، ولن تكون شامخة أكثر من المسجد الأقصى، ولن تتجرأ على تجاوز شموخ جبلي عيبال وجرزيم، واستحالة ان تصنع أحياءً تفوح منها رائحة فلسطين العتيقة كتلك التي تعبق في حي الياسمين بالبلدة القديمة في نابلس، لكنها تبقى إضافة مدهشة لفلسطين، ورغم انها مشروع استثماري، إلا أنه من الممكن تحويل مدرجاتها إلى إطلالة ثقافة وفنية على مختلف أنحاء العالم وإعلاء صوت فلسطين من هناك.
من مسرح روابي الأكبر في الوطن العربي أطل الفنان العربي التونسي صابر الرباعي، أكثر من 15 ألف فلسطيني تواجدوا في المدرجات كلهم هتفوا مع صابر وعاشوا السهر والسمر حتى ساعة متأخرة، لكن لم تُفلح كل هذه الآلاف في التقاط الصورة الصادمة أو المميزة، كما فعل الضابط الإسرائيلي الذي احتضن صابر وسارع لالتقاط صورة "قوية" معه فتلقفها المنسق الاسرائيلي ووجدت طريقها إلى صفحته في موقعي فيس بوك وتويتر معلقا عليها "نسعد بتعزيز الحفلات الفنية مرحبين بوصول كل فنان، سررنا بتنسيق عبور المطرب صابر الرباعي عبر جسر اللنبي".
هذه الصورة اليتيمه الصادمة كانت كفيلة بقتل مستقبل مدرجات روابي الفنية والثقافية، فربما لن يتجرأ فنان عربي آخر على فعل ما اقدم عليه صابر الرباعي خوفا من الوقوع في شباب "المنسق" الذي يتلقف الصور المؤثرة.
صابر الرباعي سارع للقول أنه لا يعرف أن الشخص الذي التقط الصورة معه عند معبر "الكرامة" هو ضابط إسرائيلي، خاصة أن منسقي الحفل كانوا يتعاملون معه بشكل عادي.
بغض النظر سواء علم صابر أم لم يعلم، فقد نجح الضابط الإسرائيلي في تصدر المشهد وصعد على أكتاف الرباعي ليبدو أعلى من روابي نفسها، هذا الضابط بالتأكيد لم يكن صادقا بقوله "نرحب بوصول كل فنان" هو أراد أن يصنع حدثا يمنع أي فنان آخر من مجرد التفكير بالقدوم إلى فلسطين.
صنع الحدث الذي أراد، وضرب مشروع روابي الثقافي حتى اشعار آخر.
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد