تقارير وتحقيقات

ناجي البحش .. فجر اليوم التالي للحرية

|
ناجي البحش .. فجر اليوم التالي للحرية

كتب - رومل شحرور السويطي-  في الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير من سنة 2003 اعتقلت قوات الاحتلال الشاب ناجي أسعد البحش، وكان يبلغ من العمر في حينه أربع وعشرون عاما، بحجة قيامه بأعمال مناهضة للاحتلال ضمن صفوف حركة فتح، ويخضع فور أسره لتحقيق شرس يستمر أكثر من ثلاثة شهور في أقبية تحقيق العديد من السجون الاحتلالية وخاصة سجن عسقلان. 

أمس الأول، أنهى البحش مدة حكمه البالغة خمسة عشر سنة، ليخرج من السجن وقد أشرف على التاسعة والثلاثين من عمره، ويستقبله أهله وأحبابه ورفاقه في مدينة نابلس استقبال الأبطال، فيما تميّز استقبال البحش بعدم اطلاق المفرقعات أو الرصاص، ولم يكن بين المستقبلين الكثير من أحبابه خاصة والدته التي توفيت قبل نحو أربع سنوات، الى جانب العديد من رفاقه الذين ارتقوا الى العلا شهداء أو لا يزالون أسرى في سجون الاحتلال. 
"الحياة الجديدة" تشرفت بزيارة الأسير المحرر في ديوان قرمان بشارع كشيكة المحاذي للجزء القديم من مدينة نابلس، والذي خصص لاستقبال المهنئين من أبناء محافظة نابلس وممثلي مؤسساتها والذي كان في مقدمتهم محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب وأبناء حركة فتح وكافة الفصائل، الذين جاءوا جميعا مهنئين بالإفراج عن البحش، وتبادلت "الحياة الجديدة" معه أطراف الحديث حول ظروف الحركة الأسيرة وشعوره بعد تحرره من الأسر.
وكان من الواضح أن أبرز اهتمامات البحش بعد الإفراج عنه حديثه عن جانبين، الأول عن رفاقه الذين تركهم خلفه في الأسر، والثاني حديثه عن عشقه لمدينته نابلس وفرحته الغامرة بالعودة إليها.
الأخبار المحبطة للأسرى!
وفي بداية حديثه عن الحركة الأسيرة، قال البحش أن من بين أشكال المعاناة التي يعيشها الأسرى مؤخرا، ما يكتبه بعض أدعياء الصحافة خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتخبطهم في نشر أخبار غير دقيقة حول مواعيد الافراجات والصفقات المتعلقة بذلك، وتداولهم أخبارا غير صحيحة في هذا الملف، مما يتسبب بحالة إرباك، وفي بعض الأحيان حالة يمكن أن تصل الى حد "الإحباط" في أوساط بعض الأسرى وذويهم. مؤكدا على ضرورة الحذر وعدم التسرع في نشر الأخبار المتعلقة بموضوع موعد الافراجات لحساسيته خاصة بذوي الأسرى.
وحول العلاقة بين الأسرى بمختلف فصائلهم، قال أن العلاقة أكثر من جيدة، موضحة أن طيب العلاقة تجلت مؤخرا في عيد الفطر، حيث تبادل كافة الأسرى الزيارات، وظهرت من خلالها العلاقة شبه العائلية التي تتميز بها علاقات المجتمع الفلسطيني بشكل عام خاصة في هذه المناسبات.
الوالدة ورفاق الأسر
ولم ينسى المحرر البحش حديثه عن والدته التي توفيت قبل نحو أربع سنوات، وما عانته خلال زياراتها له في سجون الاحتلال على مدار أحد عشر عاما، وقال أن الله تعالى أكرمه بأن ييسر له احتضانها خلال زيارتها الأخيرة له قبل يوم واحد من وفاتها، مستذكرا أنه وقبل وفاتها بلحظات كان يتحدث معها هاتفيا.
كما لم ينسى الحديث عن رفاقه في الأسر، قائلا بأنه لن ينسى السنوات التي قضاها رغم قساوتها مع عدد كبير ممن وصفهم بـ "أحرار البلد" الذين ضحوا بسنوات أعمارهم من أجل حرية وطنهم وكرامة شعبهم وطهارة بلدهم، موضحا ان الكثير من المواقف الرجولية ستبقى عالقة في وجدانه وضميره مدى الحياة، وفي مقدمة أصحاب المواقف الأسير باسل البزرة وإبراهيم حبيشة، وغيرهما من القامات الوطنية التي لا يمكن أن ينساهم أبدا. 
وفي سياق حديثه مع "الحياة الجديدة" استعرض البحش بعض جوانب حياة الحركة الأسيرة، قائل أن أكثر ما يحزّ في نفسه حالة الأسرى القدماء وكذلك الأسرى المرضى، موضحا أن بقاءهم خلف القضبان وصمة عار في جبين الإنسانية بكافة مؤسساتها وهيئاتها وأنظمتها كافة، معربا عن اعتقاده أن غالبية الأسرى يضعون ثقتهم في الرئيس محمود عباس بأن يبذل المزيد من الجهود لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الصفقة التي أبرمت مؤخرا مع الجانب الإسرائيلي. 
نابلس بتسوى الدنيا كلها
وبينما هو مندمج في الحديث مع "الحياة الجديدة"، يقول البحش "دعني أتحدث عن حبيبتي" سألته خَجِلا "هل بإمكاني معرفة اسمها؟" أجاب مبتسما "نابلس .. نابلس يا صديقي"، وأضاف أنه وبعد عودته الى منزله مساء الأحد، نام حوالي الساعة الثالثة فجرا، لكنه ورغم تعبه الشديد، ولشدة شوقه لنابلس، استيقظ الساعة السادسة صباحا، فيما كان أفراد أسرته لا يزالون يغطون في نوم عميق، وسارع الى فناء بيته وبدأ بتنظيفه، ثم شرع بتقليم بعض المزروعات والشجيرات المزروعة خلف بيته، وبعد ذلك بدأ أفراد أسرته يستيقظون الواحد تلو الآخر ليكحلوا عيونهم برؤية شقيقهم وابنهم وهو بين ظهرانيهم، فتُسارع إحدى شقيقاته لإعداد فنجان القهوة الذي طالما انتظرت أن تقدمه لشقيقها، ليحتسيه وهو يتنسم هواء الحرية على صدر معشوقته "نابلس"، حسب وصفه. ثم يقول "يا صديقي، إن نابلس بهوائها العليل وصباحها الجميل، وإشراقة شمسها وطُهر أرضها، وطيبة أهلها بتسوى الدنيا كلها". 
عدم اطلاق الرصاص
وحول عدم اطلاق الرصاص او المفرقعات النارية خلال استقباله من جانب أبناء نابلس عامة ونشطاء حركة فتح خاصة، قال البحش أنه كان قد أهاب بأصدقائه عدم اطلاق المفرقعات أو الرصاص، موضحا أن فرحته كانت كبيرة وغامرة حين لاحظ الاحتفال بخروجه، قد اقتصر على الأغاني والأهازيج الوطنية ورفع الأعلام الفلسطينية. وأعرب البحش عن شكره وتقديره لشباب المدينة وخاصة الجزء القديم منها، الذين التزموا برغبته هذه، وقال ان اطلاق النار بمثل هذه المناسبات ليس له أي مبرر على الاطلاق. 
 
الزميل رومل السويطي مع المحرر ناجي البحش بعد الافراج عنه
 
 
 
صباح اليوم التالي للافراج عنه .. البحش يسقي شجيراته في فناء منزله
 
 
 
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد