اخباريات فلسطينية

تل أبيب: غزّة التحدّي الأكبر لـ"كوخافي" ولا يُمكِن تحقيق حسمٍ في الحرب ضدّها

|
تل أبيب: غزّة التحدّي الأكبر لـ"كوخافي" ولا يُمكِن تحقيق حسمٍ في الحرب ضدّها

اخباريات:  بالإضافة إلى التحدّيات الأمنيّة والعسكريّة الكبيرة التي يُواجهها كيان الاحتلال الإسرائيليّ، والتي لا يُمكِن بأيّ حالٍ من الأحوال التقليل من شدّة وطأتها على صانِع القرار في تل أبيب، لوحِظ من خلال تحليلات المُعلّقين للشؤون العسكريّة في الإعلام العبريّ، وهم بطبيعة الحال، الأبواق التي تصدح فيما يُفكّر فيه جنرالات الاحتلال، لوحِظ التحذير الكبير من انعدام الروح القتاليّة لدى جنود وضبّاط جيش الاحتلال، باعتبارها معضلةً يتحتّم على القائد العّام الجديد للجيش، الجنرال أفيف كوخافي، العمل على حلّها بسرعةٍ كبيرةٍ، لأنّها باتت تؤرِق المُستويين السياسيّ والأمنيّ في الدولة العبريّة، بالإضافة إلى عزوف الكثيرين من الجنود والضباط عن مواصلة الخدمة وتفضيلهم الانخراط في السوق المدنيّ، لجني الأموال، التي لا يُمكِن للجيش توفيرها لهم، وبشكلٍ خاصٍّ، أولئك الذين كانوا يخدِمون في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان).

وفي هذا السياق، قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشواع، إنّه مع كلّ الاحترام لتفوّق الجيش الإسرائيليّ من الناحية التكنولوجيّة، وامتلاكه أحدث الأسلحة وأكثرها تطورًا وتقدمًا، من المُستحيل الانتصار في الحرب، إذا غاب العنصر البشريّ، أيْ أنّ هذه الأسلحة تبقى يتيمةً، ولم تجِد من يقوم بتفعيلها وتشغيلها، على حدّ تعبيره. بالإضافة إلى ذلك، لفت إلى أنّه يتعيّن وفورًا على الجنرال كوخافي إعداد خطةٍ بالتعاون مع وزارة التعليم لوقف ظاهرة الانخفاض الحّاد في الروح القتاليّة بجيش الاحتلال، لأنّه إذا أستمرّ الجيش على هذا النحو، فإنّه سيجِد نفسه أمام معضلة من الصعب بمكانٍ حلّها، إنْ لم يكُن مُستحيلاً، على حدّ قوله.
على صلةٍ بما سلف، نقل المُحلّل للشؤون الأمنيّة في صحيفة (معاريف)، يوسي ميلمان، نقل عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ، وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، نقل عنها قولها إنّ شروط بدء ولاية كوخافي قاسية أكثر من شروط سلفه، الجنرال غادي آيزنكوت، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه عندما صعد آيزنكوت إلى مكتبه في الطابق الـ 14 للبرج في مقّر وزارة الأمن بتل أبيب، في كانون الثاني (يناير) من العام 2015، كان الأفق الشرق أوسطيّ واعدًا أكثر لإسرائيل ولمصالحها: فقد ضُرِبت حماس في عملية (الجرف الصامد)، أيْ العدوان البربريّ على القطاع صيف العام 2014، ووافقت على وقف النار، وكانت سوريّة غارقةً في الحرب الأهليّة التي لم تكُن نهايتها تبدو في الأفق، الإيرانيون وحزب الله ينزفون في الحرب والروس لم يكونوا دخلوا إليها، وكانت الضفّة الغربيّة المُحتلّة هادئة نسبيًا، وإيران وافقت على إجراء مفاوضاتٍ بهدف تقليص برنامجها النوويّ، كما أكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب.
أما الواقع اليوم، شدّدّت المصادر نفسها، فيختلف تمامًا، الحرب الأهلية في سوريّة باتت في مراحلها النهائيّة، وروسيا تتدّخل في دفاع وتثبيت نظام الأسد، والإيرانيون مصممون أكثر من أيّ وقتٍ مضى على تثبيت وجودهم في سوريّة، ولا يبدو أنّهم مستعدون لأنْ يتراجعوا أمام هجمات إسرائيل، مُضيفة أنّ التصريحات الأخيرة لايزنكوت ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اللذين حطما سياسة الغموض الإسرائيليّة في الهجمات في سوريّة، من المتوقّع أنْ تجعل الأمور أصعب على الجيش الإسرائيليّ وعلى رئيس الأركان كوخافي لمواصلة إدارة المعركة، ومُشدّدّةً في الوقت عينه على أنّه ما من شكٍّ بأنّ روسيا تشعر بعدم ارتياحٍ من فائض الثرثرة المُتبجِحة لزعماء إسرائيل، طبقًا لأقوالها.
ولكن فوق كلّ شيءٍ، تابع المُحلّل ميلمان، فإنّ الجنرال كوخافي يجد نفسه في مضائق ساحة غزة قد اضطر الجيش الإسرائيليّ إلى تنفيذ انعدام السياسة لحكومة نتنياهو، مُشيرةً إلى أنّ هذه سياسة لا تطرح حلاً بعيد المدى للمشكلة، ولكنها تُطالِب الجيش الإسرائيليّ بأنْ يُخرِج لها الكستناء من النار.
وحذّرت المصادر في حديثها للصحيفة العبريّة من أنّ غزّة تُوشِك على أنْ تكون التحدّي الأكبر لكوخافي، فبغياب مبادرةٍ سياسيّةٍ، سيتعيّن على الجيش الإسرائيليّ أنْ يكون مقاولاً فرعيًا لعجز الحكومة، وأنْ يخرج إلى حربٍ لا أحد يريدها، ولا يُمكِن تحقيق حسمٍ أوْ انتصارٍ فيها.
وتابع ميلمان قائلاً إنّ كلّ هذا يشير إلى أنّ المستقبل القريب والبعيد الذي ينتظر رئيس الأركان الجديد ملفوف بالضباب، ومعظم الأمور ليست متعلقة به، فثمة قدر أكبر ممّا ينبغي من المتغيرات غيرُ المُتوقعّة التي ليس هو ولا الجيش الإسرائيليّ ولا حكومة إسرائيل بوسعها أنْ تُقرِر اتجاه تطورها.
واختتمت الصحيفة العبريّة تحليلها ناقلةً عن المصادر الرفيعة في تل أبيب قولها إنّه مثل آيزنكوت، فإنّ الهدف الأهّم للجنرال كوخافي سيكون منع الحرب، وإذا ما نشبت، الانتصار فيها مهمة غيرُ سهلةٍ، وتكاد تكون متعذرة، كما أكّدت.
ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّه في العامين الماضيين، شدّدّ التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ على أنّ العدوّ رقم واحد لكيان الاحتلال هو حزب الله اللبنانيّ، تليه إيران، وفي المكان الثالِث حركة حماس وباقي التنظيمات الفلسطينيّة، ولكن يبدو الآن جليًا وواضِحًا أنّ الأمور قد تغيّرت.

* رأي اليوم/ لندن
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد