تقارير وتحقيقات

الوجبات التركية والفلسطينية .. هل تعكس التقارب بين الشعبين؟

|
الوجبات التركية والفلسطينية .. هل تعكس التقارب بين الشعبين؟ نجم حرز الله يرحب بضيوف مطعمه "تقسيم"

 كتب - رومل شحرور السويطي *  فيما يتواجد في مركز تركيا الثقافي والاقتصادي والمالي وأكبر المدن التركية "اسطنبول"، ووفق إحصاء تركي نشرته وكالة الأناضول التركية العام الماضي، حوالي 15 مطعما فلسطينيا، تقدم وجبات متنوعة، بعد أن كانت تقتصر على مطعمين فقط عام 2015 ، تشهد الأراضي الفلسطينية بالمقابل، وجود مطاعم تقدم وجبات تركية مختلفة، وبعضها يحمل أسماءا لمدن تركية مثل قصر "يلدز" في نابلس، تيمنا بأحد أبرز القصور العثمانية في اسطنبول، ومطاعم "زورنا" في رام الله، والذي يقدم الأطباق التركية المحضرة بأيدي طباخين أتراك، و"أزمير" و"عنتاب" في رام الله، ومطعم وحلويات تقسيم، تيمنا بمدينة تقسيم إحدى أهم المدن التركية السياحية، وحلويات اسطنبول، وكلاهما في بلدة حوارة إحدى البلدات الرئيسية بمحافظة نابلس.

مطعم تقسيم في بلدة حوارة جنوبي نابلس

 

ويقول الاعلامي والكاتب الفلسطيني ماجد عزام والمقيم في تركيا لـ "الحياة الجديدة" عبر خدمة الواتس اب، أنه في مدينة اسطنبول على سبيل المثال والتي يقدر عدد أبناء الجالية الفلسطينية فيها بحوالي عشرون ألفا، ارتفع عدد المطاعم الفلسطينية خلال بضع السنوات القليلة الفائتة، الى ما يقرب من 400%، موضحا أنه ورغم أن أن غالبية الأتراك لا يتناولون سوى وجبات بلادهم، الا أن الوجبات الفلسطينية مثل "الفول والحمص والفلافل ومناقيش الزعتر والجبنة" الى جانب "المقلوبة والمنسف الفلسطيني والمسخّن والباذنجان المحشي وغيرها" قد نالت استحسان الكثير من الأتراك، مما شجع الكثير من الفلسطينيين على افتتاح ما يقرب من خمسة عشر مطعما فلسطينيا في اسطنبول لوحدها.
ويوضح عزام أن المطبخ التركى في أساسه "شرقي"، ومنبعه المطبخ العثمانى الذي كان حاضرا فى الدول العربية على مدار 400 عام، وقال بأنه وكما يوجد تشابها في بعض الكلمات والمصطلحات التركية والعربية، فان كثيرا من الوجبات التركية تشبه الى حد بعيد وجباتنا الفلسطينية، مما ساعد في نجاح المطاعم التي تقدم الوجبات الفلسطينية سواء في فلسطين او خارجها.
وبالمقابل، بدأ في الآونة الأخيرة بعض اصحاب المطاعم، بالتخصص في الوجبات التركية، بل وأطلقوا على اسماء مطاعمهم اسماءا لمدن أو معالم تركية، ومنهم الشيف نجم حرز الله من منطقة نابلس ويقيم في رام الله، وكان قد أمضى ما يقرب من عشرون عاما بين دبي وتركيا، وقال لـ "الحياة الجديدة" أنه قرر في نهاية المطاف أن يعود ويستقر في فلسطين، مشيرا الى أنه لمس محبة نسبة كبيرة من أبناء شعبنا للطعام التركي، فقرر أن يفتتح مشروعا سياحيا يقدم فيه الطعام والحلويات التركية، وكان قراره بافتتاح مطعم وحلويات في بلدة حوارة، لموقعها الاسترتيجي حيث تقع على الشارع الرئيسي الذي يربط شمال الضفة بجنوبها، وأطلق عليه اسم "تقسيم TAKSIM" تيمنا بإحدى أهم المدن التركية السياحية. 
 

وجبة تانتوني التركية

 
ويشير حرز الله الى أنه فضّل أن يتخصص في نوع أو نوعين فقط من الوجبات التركية، فبدأ بما يعرف بوجبات تَنتوني TANTOE التي انطلقت من مدينة مرسين بالجنوب التركي، وهي شبيهة بوجبات المسحب والشاورما، وهي عبارة عن كمية جيدة من اللحم المفروم والذي يتم قطعه من اسفل فخذ العجل، أو صدر الدجاج المفروم، تقلى بعد خلطها ببهارات خاصة، على صاج مجهز خصيصا لهذا النوع من الوجبات، كما تُقلى على ذات الصاج "صُص" مخصصة للوجبة تدار لاحقا عليها، وتلف على شكل سندويشات بخبز "الصاج"، وتقدم كساندويشة أو وجبة كاملة، لكن ما يميز وجبة "تَنتوني" خلطة البهارات التي يقوم حرز الله بتوفير جزء منها خصيصا من تركيا، وما لفت نظرنا في حديث حرز الله، هو انه ومن خلال خبرته الطويلة ومعرفته بالذوق الفلسطيني العام، فقد قام بمزج البهارات التركية مع بعض البهارات فلسطينية، بحيث يقدمها على انها وجبة تركية، ذات مذاق فلسطيني تركي. ويضيف بأنه يستعد لتوفير بعض اللوازم والأدوات الخاصة بالمشاوي التركية، التي سيقدمها لزوار مطعمه في القريب العاجل، موضحا بأنه لن يقدم سوى هاتين الوجبتين، الى جانب الحلويات بجميع أنواعها وبخاصة الكنافة والفطائر والقلاز وبعض انواع الحلويات التركية. وأشار الى أنه قام بتوفير زاوية ذات مساحة آمنة وكافة لألعاب الأطفال "مجانا" بجانب المطعم، حتى يضيف لمسة عائلية على المكان.
وقال بأنه لم يتفاجأ من حجم المقبلين على هذا النوع من الوجبات، لعلمه المسبق بأن نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يتقبلون الطعام التركي، موضحا بأن هذا الأمر طبيعي جدا، لسببين، الأول التقارب الثقافي والدين الواحد، والفترة الطويلة التي قضاها الاتراك في عهد الدولة العثمانية في فلسطين، والسبب الثاني الاعداد الهائلة من الفلسطينيين الذين يزورون تركيا يوميا، وما ترتب عليه من تعرف الأجيال الفلسطينية الجديدة للطعام التركي. 
واعرب حرز الله عن اعتقاده ان اي مشروع في فلسطين ذي طابع سياحي قريب من الثقافة التركية اذا ما تم التخطيط له جيدا من كافة الجوانب، فإنه مرشح للنجاح، مؤكدا أن مثل هذه المشاريع تساهم في تقارب الشعبين وليس فيه بكل تأكيد أي شكل من أشكال المنافسة، لا سيما وان الشعبين يتبادلان الحب والود، اولا لأنهما مسلمون سُنّيون، وغالبيتهم من المذهب الحنفي الذي ينتمي له غالبية الشعبين، وثانيا للتقارب الثقافي بينهما.
 
* صحيفة الحياة الجديدة
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد