اخباريات فلسطينية

السامريون: المشاركة بالانتخابات بين شقي الخط الأخطر حق لنا وأحد أشكال مشاركتنا السياسية

|
السامريون: المشاركة بالانتخابات بين شقي الخط الأخطر حق لنا وأحد أشكال مشاركتنا السياسية ايهاب يوسف الطيف مع الزميل عاطف دغلس
أجرى اللقاء - عاطف دغلس *:  هناك في أعلى قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية تقطن أصغر طائفة في العالم (السامرية) ورغم قلة عددهم إلا أنهم ينقسمون بمكان العيش، فأكثر من نصفهم يسكنون داخل الخط الأخضر.
يجعلهم ذلك ملزمين بنمط حياة في المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، وأهم قواعد الالتزام المشاركة في الحياة السياسية، والانتخابات أحد أشكالها. 

ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية والفلسطينية أيضا طرقت الجزيرة نت باب الطائفة لنعرف شيئا عن حياتها السياسية والتي قلما تتحدث بها مقارنة بحياتها الدينية، وهو ما أطلعنا عليه إيهاب يوسف الطيف المحاضر الجامعي بشؤون الطائفة وأحد مؤسسي جمعية الأسطورة السامرية وصاحب أول رسالة ماجستير تبرز دور السامريين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. 

 بداية، السامريون منقسمون في مكان العيش بين الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر (إسرائيل) كيف ذلك؟ 

ايهاب الطيف


نعم صحيح، السامريون طوال حياتهم يعيشون في نابلس، حيث جبل جرزيم المكان الأقدس بالنسبة لهم، لكن ظروفا اقتصادية سيئة أدت بأكثر من نصفهم للإنتقال والعيش في منطقة حولون جنوب مدينة "تل أبيب" الإسرائيلية، كان ذلك بين عام 1948 و1967 وعددهم الآن حوالي 470 نسمة تقريبا.
ويعيش القسم الآخر على قمة جبل جرزيم ويحملون إضافة للهوية الفلسطينية الهوية الإسرائيلية وعددهم حوالي 400 نفر تقريبا، فالسامريون يعدون870 نسمة تقريبا، وهم بذلك الطائفة الأصغر في العالم. 

وقبل الاستقرار كانوا يعيشون في يافا وقبل نهاية الأسبوع (السبت) يعودون لجرزيم، ولاحقا طالبوا الحكومة الإسرائيلية بمكان للسكن وكنيسا للعبادة، فكان لهم ذلك. 

هل من تأثير لهذا الانقسام بمكان العيش على الطائفة وسلوكها الاجتماعي والديني؟ 

في حولون بإسرائيل تشعر بأنك في قرية عربية، حتى منازلهم يغلب عليها الطابع العربي، وهم يبقون على تواصلهم مع الطائفة في "جرزيم" وخاصة خلال الأعياد والمناسبات. 

بعضهم تطبع بالأفكار واللباس واللغة، وهذا لا نخشى منه حقيقة، الخوف أنه وبحكم الاندماج الحاصل أو تحت ضغط ما أن يتأثر البعض من السامريين بالحركة الصهيونية خاصة المتطرفين منهم الذين لا يقبلون الآخر، وبالتالي اكتسابهم سلوك مناهض للشعب الفلسطيني "لكننا لم نلمس ذلك فعلا حتى الآن"، أو أن يحدث العكس؛ من الفلسطيني ضد اليهودي. 

هذا التخوف قد يحدث بسبب التطور التكنلوجي وتبعاته وازدواجية الهوية، وبالتالي الخشية من هدم ما بنته الطائفة السامرية وهو العلاقة الجيدة والمتساوية مع الجميع، فنحن هنا نشارك بالحياة السياسية ونعيش بين الفلسطينيين ولا نضع أيدينا بيد متطرف لا يقبل الآخر ولا يؤمن بوجوده ويسلب حقوقه ويتملك أراضيه. 

جبل جرزيم


أتيت على ذكر الحياة السياسية، كيف يعيش السامريون ذلك في داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية؟ 

نحن في نابلس نشارك الفلسطينيين حياتهم الاجتماعية بكل أحوالها وكذلك السياسية، ومن الطبيعي مشاركة السامري في إسرائيل في الأحداث السياسية من قبيل الانتخابات وغيرها، فنحن مع الأحزاب السياسية الإسرائيلية التي تؤمن لشعبها حياة كريمة ومجاورة للآخر بكل ود واحترام وسلام. 

المشاركة السياسية جزء أصيل وأزلي في حياة السامريين في كلا الشقين، ففي ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي كان لنا عضو في مجلس بلدي نابلس، ولاحقا شغل أحد أبناء الطائفة نائب رئيس بلدية حولون والاثنان قدموا خدماتهم للمجتمع السامري. 

هل الانتخابات شكل من هذه المشاركة أيضا؟ 

الانتخاب جزء من حقوقنا السياسية ومرتبط بوجودنا، ففي عام 1996 حصلنا على مقعد في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، لكننا حرمنا ذلك عام 2006 لخلافات داخلية بيننا، لكن هناك دعوات اليوم تطالب بمقعد للسامريين في الانتخابات القادمة في مايو/أيار القادم أسوة بغيرهم. 

نشارك في الانتخابات الإسرائيلية ولم يسبق أن ترشح أحد لعضوية الكنيست الاسرائيلي ولم نمنح مقعدا فيه، وهذه المشاركة هي من أجل تدعيم حقوقنا والحصول عليها، وخاصة في إسرائيل حيث لا يحمل أبناء الطائفة سوى الهوية الإسرائيلية. 

فالمشاركة في الانتخابات لا تعكس انتماء فلسطينيا أو صهيونيا لدى الطائفة، فالسامري ينتخب هذا المرشح أو ذاك بعيدا عن شخصه وإنما من يعطيه حقوقه ويحافظ على وجوده كأقلية لها الحق الكامل بالعمل والعلاج والمشاركة بصنع القرار السياسي أيضا، ورغم ذلك ليس كل أبناء الطائفة ينتخبون. 

أمام ما تعتبره حقوق فإن من الطبيعي أن يكون عليكم واجبات، في إسرائيل مثلا هل التجنيد الالزامي أحدها؟ 

نعم صحيح، أبناء الطائفة في إسرائيل يخدمون في الجيش لمدة ثلاث سنوات دون المشاركة الميدانية أو الحرب، وذلك بناء على اتفاق عقده كاهن الطائفة في سبعينيات القرن الماضي مع الحكومة الإسرائيلية تكون فيه الخدمة لأبناء الطائفة "مدنية وليس عسكرية" والهدف الحفاظ على أبناء الطائفة وعددهم القليل أصلا. 

والخدمة في الجيش ليست إلزامية ولكنها مرهونة بمدى تحصيل كامل الحقوق والحوافز من أي مؤسسة إسرائيلية تتعامل معها مستقبلا. 

وفي نابلس تُعفى الطائفة من الخدمة العسكرية وذلك بعد أن يتم ارسال كتاب خطي من قبل الأهل بعدم موافقتهم على ارسال شبابهم وبناتهم للخدمة العسكرية. 

هل لكم انخراط سياسي بالمجتمع الفلسطيني؟ ما هو شكله؟ 

لربما لا تحبذ الطائفة الدخول في العمل السياسي لقلة عددها وما عانته خلال السنوات الماضية. ولكن لو أتينا لتبيان الدور الذي لعبوه سياسياً وقمنا بعمل نسبة وتناسب لمشاركتهم السياسية مقارنة بأبناء الديانات الأخرى الأكثر عددا وإمكانياتها أيضا أكبر، سنتوصل إلى أن السامريين كان لهم وجود لا بأس به على الخارطة السياسية الفلسطينية، فقد كان الكاهن سلوم عمران عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب في عام 1996، كما وعين الكاهن عبدلله واصف عضوا في المجلس الفلسطيني المركزي، بالإضافة إلى الشاب السامري نادر صدقة الذي كان منتمياً إلى إحدى الفصائل الفلسطينية والذي ناضل وجاهد من أجل الدفاع عن أرضه ووطنه، وقد كان يعرف عن نفسه، قائلا: "أنا عربي فلسطيني مناضل من أجل الحرية والحق، مواجهاً للظلم أينما وجد". وهو يرقد الآن في سجون الاحتلال الإسرائيلي حيث أعتقل عام 2004، وحكم عليه بالسجن المؤبد، وبعضنا ينتمي لفصائل فلسطينية مثل حركة التحرير الوطني (فتح)، كما وشاركنا في انتخابات إقليم فتح بنابلس وكذلك في مجلس الطلبة بجامعة النجاح، ومنا من اعتقلته إسرائيل لأنه يدافع عن حرية وحق أبناء شعبه الفلسطيني وشعر بمدى الظلم والاضطهاد الذي يعانونه ولأجل ذلك عرَّض حياته للمخاطر، فالعمل الفدائي لا يدرس في مدرسة أو جامعة. 

وفي زمن أبو عمار دعَّم وجود السامريين واستعان بهم وتحسنت أمور الطائفة أكثر في عهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ فعين سفيرا برتبة وزير في وزارة الخارجية الفلسطينية. 

بالنسبة لي توظفت في عهد حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السابقة وأنصفتنا كتلتها الإسلامية خلال ترأسها لمجلس الطلبة في جامعة النجاح بنابلس بحل أكثر من خلاف وانتصرت لكرامتنا وطائفتنا. 

ايهما أهم لكم الدين أم السياسة؟ وهل من خطر يتهددكم؟ 

لا يمكن الفصل بينهما وإن كان الدين بالنسبة لنا، أما مشاركتنا السياسية لنضمن بها حقوقنا ونحافظ على وجودنا وهذا مستمد من الدين. 

حتى الآن لم نواجه خطرا، وينظر إلى الطائفة من الجهتين الفلسطيني والإسرائيلي على أنها مسالمة، وإسرائيل لا يضيرها أي مشاركة سياسية من قبيل انتخابات او غيرها، والأخطر بنظرها هو ما يتهدد أمنها، ولذا هي تراقبنا وتضع "نقط سوداء" على من يناوئها. 

أنا كشخص أعيش بين فلسطينيين واشاركهم شؤونهم الحياتية والسياسية ولا يضيرني ما يقوله الإسرائيليون عني، وكذلك أرى أن من حق من يعيش في إسرائيل أن يكون له دور في حياتها السياسية، لكن على الجميع أن يفهم أننا أقلية وأن عليه العمل بكل الطرق لخدمتها. 

نتخوف من وصول تيارات إسلامية سدة الحكم وأن يتعاملوا مع الآخر انطلاقا من أيدولوجيتهم الدينية وبالتالي الاعتقاد بأن السامرية حرَّفت التوراة، والمطلوب عدم التعامل بعنصرية، فالاختلاف يمكن أن يقود للتكامل لا للتصادم، لكن رغم ذلك لم نلمس أي عنف من أي من هذه التيارات. 

هل من رؤية لكم في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ وهل من المجازفة تأييدكم طرف على حساب آخر؟ 

نحن عانينا من الحروب منذ الأزل وفقدنا خلالها الملايين من أبناء الطائفة، ولكي نحافظ على وجود الطائفة ليس من صالحنا المخاطرة التدخل السياسي في هذا الشأن، وإن كان لا بد فيجب أن نلعب دور الوسيط لتحقيق السلام وسط تعنت الطرفين والادعاء بأن هذه أرض آبائه وأجداده. 

وتقول رؤيتنا المستقبلية بأنه لا حل دون تنازل الطرفين ضمن اتفاق معين يقضي بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا إلى جنب وبحقوق كاملة، لكن تحقيق ذلك يبقى صعب المنال نتيجة تمسك كل طرف بأفكاره. 

وما نؤمن به يعد جزء من عقيدتنا بأن هذه الأرض لا سلام عليها، وأن الصراع مستمر بين الفلسطينيين والشعوب الأخرى، وهذا ما حكته وافترضته التوراة، وهنا لا بد من تمسك الفلسطينيين بالطائفة السامرية جيدا. 

لماذا؟ 
نظرا للموروث الديني المشترك الذي تملكه الطائفة والذي يؤكد على عدم وجود أي ذكر لمدينة القدس في التوراة كما يدعي اليهود فالمكان المقدس لدى بني إسرائيل هو جبل جرزيم وذلك استنادا الى الأدلة والبراهين التي ذكرت في التوراة وأثبتت قدسية هذا الجبل. 

ربما هذا الكلام يزعج اليهود؟ 

في العقيدة لا نهادن أحد، وما نؤمن به نحن هو هيكل سيدنا موسى عليه السلام والذي ظل موجودا لفترة طويلة فوق جبل جرزيم حتى وقع الانقسام بين السامريين واختفى الهيكل، أما هيكل سليمان عليه السلام فلا نؤمن به أصلا. 

هل من اختلاف أو خلاف ديني أو سياسي بينكم وبين اليهود في إسرائيل؟ 

هم اسمهم اليهود ويعيشون في مملكة إسرائيل ونحن السامريين أصل بني إسرائيل وذكرنا في التوراة باسم "شاميرم" ويعني المحافظ على شريعة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، ونعيش جبل جرزيم ونؤمن به كأهم مكان مقدس لنا وهذا جوهر الاختلاف مع يهود إسرائيل، فالاختلاف في العقيدة الرابعة وهي قدسية جبل جرزيم بينما هما يقولون القدس، وفي شريعة السامريين كلها وخمسة أسفار التوراة لم تذكر القدس. 

سياسيا نحن ضد أي اضطهاد لأي أحد، وأنا ضد أي سياسية تهدف الى سلب الحقوق والأرض بالقوة بغض النظر عن دوافع ذلك، وكل صعب يحل بالتفاهم والحوار، لكن دفاعي عن نفسي يختلف دفاعي الآخر، فأنا كسامري أدافع عن الآخر بلغة الحوار والتفاهم دون أن أعرض نفسي للخطر وبالتالي لا نحارب دفاعا عن الآخر. 

باعتقادكم من الذي يضع العصي في الدواليب ويعيق عملية السلام أو التوصل لاتفاق مرض للطرفين؟ 

ربما يكون هناك ضغوطات من اطراف خارجية وأخرى داخلية على كلا الطرفين، كضغوطات أميركا على إسرائيل بهدف أن تبقى تحت سيطرتها لتحقق أهدافها عبرها، فموقع إسرائيل في الشرق الأوسط استراتيجي يخدم هذه الأطراف وخاصة أميركا، وبالتالي يسعون جاهدين للحيلولة دون أي اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين. 

أما على الجانب الفلسطيني فتتمثل هذه الضغوطات بعدم وجود توافق بين برامج الأحزاب والفصائل الفلسطينية المختلفة. 

كيف هو شكل نظام الحكم إن أمكن القول داخل الطائفة؟ 

النظام السياسي في الطائفة التي تعد خمس عائلات هي الكاهن وألطيف وصدقة وسراوي وتكروري يقوم على الكاهن الأكبر وهو رئيس الطائفة السامرية، واليوم يشغل هذا المقام الكاهن عبد الله واصف، ولديه نائبان، أول وثان، ثم تليه لجنة الطائفة التي تدير شؤونها الحياتية والاجتماعية وهي مكونة من خمسة أشخاص أهمها سكرتير اللجنة. 

هل فكرتكم يوما في تقرير المصير أو الاستقلالية ليس بمكان السكن فحسب وإنما بالحياة السياسية؟ 

بالنسبة لي لا أرى حياتي أفضل في غير المكان الذي أعيش فيه بجبل جرزيم، ونحن في الجبل لا يمكن أن نستقل بذاتنا عن محيطنا الفلسطيني وكذلك حال أهلنا في داخل الخط الأخضر. 

لكن لا يعني هذا أنه لا طموح لدينا في المشاركة السياسية من أوسع أبوابها في الحكومات أو بغير مكان سعيا لإثبات وجودنا في صناعة القرار السياسي وسبيلا لتحصيل حقوقنا. 

لا نقول إننا مهشمون في كلا الشقين، فعلى المستوى المادي الشخصي أمورنا أفضل، ولكن لا نحصل على كامل حقوقنا خاصة فيما يتعلق بالتوظيف أو بتوفير ميزانيات لدعم الطائفة واحتياجاتها المختلفة وبالمقابل ندفع التزاماتنا مقابل الخدمات من ماء وكهرباء. 

لا أخفيك، في فترة ما عشنا عنصرية لدى الفلسطينيين أو اليهود، فحرمنا من الوصول لمناصب عليا. 

* الجزيرة نت
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد