تقارير وتحقيقات

الإكتئاب لدى الأطفال (د. أريج خموس)

د. أريج خموس |
 الإكتئاب لدى الأطفال (د. أريج خموس)

 كتبت - د. أريج خموس*     

   يشهد العالم اليوم إهتماما متزايداً في الأمراض النفسية والأضطرابات الشخصية، وذلك بسبب كثرة إنتشارها، وتنوع أشكالها، والتباين في أعراضها؛ جعلت الباحثين يسعون في ميادين العلم بين النظريات والادبيات وإجراء الدراسات؛ للتثبت من الأعراض، وإقرار التشخيصات الملائمة، والوصول بالأشخاص المضطربين إلى بر السواء، مما يسهل عليهم القيام بواجباتهم اليومية. 
  ويرجع العديد من الباحثين الأسباب من وراء هذه الأضطرابات إلى نمط الحياه الجديد والذي تأثر بشكل كبير بالتطور التكنولوجي، الذي جعل الأفراد يعيشون في عزلة إجتماعية؛ منعتهم من التواصل المحمود الذي يغذي الروح الإنسانية بدفئ المشاعر و الأمان العاطفي؛ وحل محلة العديد من الإضطرابات التي تتشابه في أعراضها و في أسبابها ولكن تختلف في مسمياتها.
 
     من أشهر هذه الأضطرابات في هذه الأيام وأكثرها تداولاً هو الإكتئاب، فقد أظهرت الخدمة الإجتماعية في الولايات المحدة الأمريكية، من خلال دراسة مسحية للأعراض الإكتئابية بأن حوالي 20% من البالغين و 50% من الأطفال والمراهقين، تظهر عليهم أعراض إكتئابية، في فتره تترواح من أسبوع إلى 6 أشهر.
 
إن الحديث عن الإكتئاب موضوعاً رائجاً لدى الأخصائيين النفسيين، وكذلك الأفراد عامة؛ لكن الحديث عن الإكتئاب لدى الأطفال موضوع أقل رواجاً ولكنه يخفي مشاكل عظمى، تستوجب الحديث عنها وتعريفها، والتعرف على كيفية التعامل معها. يمكن لنا أن نستدل على الأعراض المبكرة للأكتئاب لدى الأطفال في التغير العام لسلوك الطفل حيث قد يبدو على الأطفال بشكل ملاحظ العلامات التالية:
 
مزاج مكتئب معظم اليوم، كل يوم تقريباً، تناقص الاهتمام أو المتعة بشكل ملحوظ في جميع الأنشطة، فقدان الوزن بشكل ملحوظ في حالة عدم إتباع نظام غذائي أو زيادة الوزن، الأرق أو فرط في النوم كل يوم تقريباً، الإستثارة النفسية الحركية أو التخلف بشكل دائم تقريباً، التعب أو فقدان الطاقة كل يوم تقريبا، الشعور بانعدام القيمة أو الشعور بالذنب المفرط، ضعف القدرة على التفكير أو التركير، أفكار متكررة عن الموت. 
وعلى الأهل متابعة أطفالهم والوعي بما يحدث مع أطفالهم بإستمرار حيث أن أعراض الإكتئاب هذه قد تظهر في أي وقت مع الأطفال حتى الأطفال المجتهدين والمتفوقين؛ وقد تختلف الأسباب منها: تعرض الطفل للضغوط لفترة طويلة نسبياً، الحزن الشديد، فقدان أحد الوالدين أو الأقارب أو حتى حيوانه الأليف، تغير مكان السكن أو المدرسة، كما يجب الإنتباه في حالة إذا كان أحد الوالدين يعاني من الإكتئاب.
 
وفي خضم الحديث عن هذه المشكلة المؤرقة لدى أولياء الأمور أرى أن من الواجب النظر في بعض النصائح التي يجب القيام بها، أما النصائح التي أود الإشارة إليها في البداية هي وقائية و التي يجب على أولياء الأمور العمل عليها حتى لو لم يتيقنوا من وجود الإكتئاب: مراقبة البرامج او مواقع التواصل التي يتابعها الطفل او المراهق حيث يمكن أن تنشر الأفكار الانتحارية والاكتئابية من خلالها، تشجيع العادات الصحية،  التشجيع على ممارسة الرياضة، واللعب في الهواء الطلق، والنظام الغذائي الصحي، والنوم الكافي و عادات النوم الصحية، والحد من وقت الشاشة، والثناء على السلوك الإيجابي، والاعتراف بنقاط القوة لدى الأطفال أو المراهقين، مساعدة الأطفال أو المراهقين على تنمية المهارات المعرفية، مساعدة الأطفال أو المراهقين على تطوير مهارات حل المشكلات، التدريب على السلوك والمهارات الاجتماعية.
 
وفي حالة التيقن من الإكتئاب وذلك لا يمكن أن يكون إلا من خلال زيارة أخصائي مؤهل ومعتمد من وزارة الصحة، علينا الأهتمام بهذه النصائح بشكل أساسي: التيقن من نية الانتحار والتي تعتبر حالة طارئة تتطلب علاجاً فورياً وإشرافاً دقيقاً، تأمين بيئة الرعاية الأولية، إشراك كافة أفراد العائلة في الرعاية، تعزيز نقاط القوة لدى الأطفال و المراهقين، تدعيم النظرة الإيجابية للعلاج من جانب المراهقين، تقديم التثقيف النفسي، يجب إزالة الأسلحة من المنزل أو تأمينها، ويجب إجراء مسح دقيق للأدوية التي يحتمل أن تكون قاتلة أو المواد الكيميائية المنزلية بما في ذلك المبيدات الحشرية.    

* دكتوراه في الإرشاد النفسي والاجتماعي والتربوي/ نابلس

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد