الزاوية الاقتصادية

رجل الاعمال علي ابو طيون بدأ حياته عاملا بسيطا في سوق الخضار بنابلس

|
رجل الاعمال علي ابو طيون بدأ حياته عاملا بسيطا في سوق الخضار بنابلس الزميل السويطي يتحدث مع ابو طيون في أحد معارضه بنابلس

 كتب - رومل شحرور السويطي *:  بدأ حياته العملية عاملا بسيطا في سوق الخضار المركزي بنابلس لمدة ثلاث سنوات، وعمل في تعبئة بعض أنواع الحلويات، كما عمل سائقا لمدة سنتان، وتخلل ذلك اصابته برصاص الاحتلال مرتان، واعتقل خمس مرات، وخضع لتحقيق قاسي على أيدي مخابرات الاحتلال في احدى تلك الاعتقالات لمدة تجاوزت الثمانين يوما، ولم يتمكن من استكمال الدراسة الجامعية حيث تعرض للاعتقال في السنة الثالثة خلال دراسته في كلية الاقتصاد "محاسبة وادارة اعمال" في جامعة النجاح، ويقول "ربما هذه الظروف القاسية التي عشتها كانت سببا في صقل شخصيتي وحرصي على العمل تحت أقسى الظروف وتعقيداته".

ذلكم هو عضو الهيئة العامة في كل من غرفة تجارة نابلس وملتقى رجال أعمال نابلس، علي أبو طيون ابن السابعة والأربعين عاما، من مخيم عسكر القديم وسكان مدينة نابلس لاحقا، والذي يعتبر من أبرز رجال الاعمال في مجال تجارة الألبسة على مستوى الوطن والذي التقاه "حياة وسوق" في احد معارضه بمدينة نابلس.

 

خطوات متلاحقة

ويوضح ابو طيون في بداية حديثه مع "حياة وسوق" أنه وبعد أن حفرت الظروف الصعبة في هيكل عمره المبكر في أروقة مخيم عسكر القديم، الكثير من المعاناة، كانت سنة 1995 بداية دخوله في مجال انتاج الالبسة المحلية في بيته، وتطور الأمر في العام 1998 ليبدأ استيراد بعض أنواع الالبسة من تركيا، الى جانب الاستمرار في الانتاج المحلي. ولم يقف طموحه عند هذا الحد، بل زحف نحو الصين لتكون محطة جديدة له في مجال الاستيراد، واستقر به المقام في الاستيراد من بعض الدول الاوروبية وخاصة ايطاليا الى جانب تركيا، وكل ذلك في مجال بيع الجملة. وفي العام 2011 بدأ بأول معرض لبيع الألبسة بالمفرق، ليتلوه معرض آخر ثم آخر، ويزرع في نهاية المطاف حتى الآن ثلاث عشرة معرضا يعمل بها أكثر من ثمانين موظفا في كل من نابلس ورام الله وجنين، ويصل أبو طيون الى كافة معارض الضفة الغربية حيث كان يورد الالبسة اليها، ويتمكن من أن يكون رقما صعبا بين أقرانه، ويتمكن كذلك من منافسة الشركات الاسرائيلية في مجال الالبسة من ناحيتي الجودة والسعر، سواء تلك التي كان ينتجها في السابق، أو التي يستوردها لاحقا.

من أسباب الركود

وكان لا بد من التعرف على وجهة نظر أبو طيون حول الواقع الاقتصادي الذي تعيشه الضفة، خاصة أنه من الاشخاص الذين عاشوا المعاناة على مدار سنوات، وبدأ سلّم النجاح من بدايته، ولم يولد وفي فمه ملعقة ذهب. ويقول ابو طيون لـ "حياة وسوق" أن أسباب الركود الاقتصادي الحالي مرده الى الكثير من الأسباب، منها عدم ملاءمة دخل الفرد مع غلاء المعيشة، كما أن مصاريف مواكبة تكنلوجيا العصر تستنزف ارباب العائلات خاصة من ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

واضاف بأن من أبرز مسببات تردي الحالة الاقتصادية ما تقوم به البنوك من تقديم قروض لموظفين لا تتناسب مع رواتبهم، مما أدى الى مشكلات اقتصادية واجتماعية لهؤلاء الموظفين، الى جانب تحييدهم عن الاهتمام بالشأن الوطني العام، بسبب انشغاله في كيفية تسديد القرض لهذا البنك أو ذاك.

ثقافة العيب

وقال ان كثرة المحلات والمعارض التجارية وخاصة في مجال بيع الألبسة بنسبة أكبر بكثير من حاجة المواطن، أدى الى تكدس البضائع وتعرض التاجر لخسائر هائلة. ويربط ابو طيون هذا الجانب بما وصفه ثقافة العيب لدى بعض من لبسوا ثوب التجارة، موضحا وجهة نظره أن البعض يرفض أن يكون حرفيا أو "صنايعي" أو موظفا، ويريد أن يكون "رجل أعمال" فقط، منوها الى أن ثقافة العيب هذه، تسببت في خراب بيوت الكثيرين ممن اعتنقوا هذه الثقافة البائسة، بعد أن توهموا أن الطريق الى الربح السريع لا يتأتى الا من خلال التجارة، ووقعوا لاحقا في أزمات مالية خطيرة أودت ببعضهم الى أروقة المحاكم ثم الى السجون. وأعرب عن قناعته أن البعض فاته بأن العديد من الحرف هي في الحقيقة طريقهم الى النجاح والتألق والرفعة، وقال بأنه على قناعة تامة بالمقولة "من يملك صَنعة كمن يملك قلعة"، وأضاف "هل تعلم يا صديقي أن الغالبية الساحقة من أصحاب الحرف والمهن غير متعثرين، بعكس غالبية التجار؟".

حلول مقترحة

ويعرب أبو طيون عن اعتقاده أن هناك ضرورة وقبل الحديث عن بعض الجوانب الادارية الاقتصادية، تغيير ثقافة الكثيرين ممن ارتدوا ثوب التجارة مكابرة واستعلاءا - حسب وصف أبو طيون- قبل فوات الأوان وغرقهم في مشاكل الشيكات والديون واغلاق محلاتهم رغم أنوفهم، وضرورة التفكير جديا بالتوجه الى امتهان مهنا وحرفا أخرى يحتاجها المجتمع المحلي، والتي اذا ما تمت دراستها جيدا فسيكون دخلها أفضل لصاحبها من استمراره في تجارته الخاسرة.

ودعا الى العمل على انشاء صندوق اقراض ودعم التاجر المتعثر، تكون ايراداته من نفس التجار، يدفعونها في ايام الرخاء الاقتصادي ، كوقفات الاعياد وتكون بمثابة حساب توفير لهم.

كما دعا الى ضرورة توعية المواطنين بكافة شرائحهم بأهمية امتهان مهن وحرف اخرى والعمل على كسر حاجز العيب من خلال التوعية في المدارس ومنابر المساجد.

ودعا ابو طيون الى ما اسماه كبح جماح غول البنوك في اغراق الموظف والتاجر بديون ذات فوائد مركّبة لا يستطيع الوفاء بها، مما ينتج معضلات اقتصادية ومشاكل اجتماعية كبيرة. وتساءل أبو طيون "كيف لبعض البنوك تقديم قروض لموظف يستنزف ثلثي راتبه، وكل ذلك بهدف شراء سيارة أو بعض الكماليات ؟" ودعا الحكومة بشكل عام وسلطة النقد الى التدخل لوقف مثل هذه الاجراءات من جانب بعض البنوك. كما شدد على ضرورة اهتمام الجهات ذات العلاقة في الحكومة والسلطة الوطنية بكافة مؤسساتها على رفع مستوى دخل الفرد بما يتلاءم مع الارتفاع الفاحش في غلاء المعيشة. 

* هذه المادة لصالح ملحق حياة وسوق في جريدة الحياة الجديدة

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد