تقارير وتحقيقات

خلال 40 يوما قدموا 4 شهداء و 700 جريح ومصاب .. أهل " بيتا " : لا نكلّ ولا نملّ حتى نطهر جبلنا من دنس الغرباء

|
خلال 40 يوما قدموا 4 شهداء و 700 جريح ومصاب .. أهل " بيتا " : لا نكلّ ولا نملّ حتى نطهر جبلنا من دنس الغرباء صورة التقطتها طائرة من غير طيار للبؤرة الاستيطانية على جبل صبيح نشرتها صحيفة NRC الهولندية وكتبت عليها - المستوطنة غير القانونية في الضفة الغرب

 كتب - رومل السويطي*  ويستمر أبناء بلدة بيتا جنوبي شرق نابلس في مقارعة المحتلين والرباط الدائم ليل نهار في منطقة جبل صبيح، وتقديم التضحيات حتى وصل عدد شهداء البلدة الى أربعة شهداء كان آخرهم الشهيد أحمد زاهي داود 16 سنة الذي قضى برصاصة في رأسه قبل بضعة أيام، وما يقرب من ستمائة جريح خلال ما يقرب من الاربعين يوما، في محاولة منهم لا تقبل التراجع، لانتزاع جبل صبيح الواقع على مشارف بيتا الجنوبية، والذي لوثه المستوطنون بما يقرب من خمسين بيتا متنقلا بهدف تحويل المكان لمستوطنة كبيرة يطلقون عليها اسم "جفعات أفيتار" تمهيدا لتنفيذ مشاريع استيطانية أكبر.

المواجهة مستمرة مهما عظمت التضحيات

الزميل رومل السويطي يتحدث مع احد جرحى جبل صبيح

 

"الحياة الجديدة" توجهت لجبل صبيح والتقت من يوصفون من جانب أبناء البلدة ومنطقة جنوبي نابلس وشرقها بـ "حراس الجبل" حيث أكدوا جميعا على أنهم مستمرون في المواجهة مهما عظمت التضحيات ومهما كانت النتائج.

ويقول المحامي منتصر حمايل بأنه على المستوى الشخصي يقضي معظم وقته في متابعة هذا الملف الذي يعتبره استراتيجيا بالنسبة لأبناء بلدته ومن كافة الجوانب، وبضمنها الجانب القانوني. وبحسب حمايل فإن أبناء البلدة يعتبرون اعتداء المستوطنين على الجبل اعتداء على كل فرد منهم، موضحا أن الأراضي التي تعود ملكيتها لأبناء بيتا تتراوح بين 15 الى 20 بالمائة، والنسبة الباقية تعود لبلدة قبلان وقرية يتما المجاورتين، لكنهم يقفون جميعا على قلب رجل واحد وكأن الجبل كاملا ملكا شخصيا لهم. وقال ان الأهالي يخوضون الى جانب المواجهة الميدانية معركة قضائية حيث تم تجهيز كافة الأوراق والوثائق التي تثبت ملكيتهم بأرضهم، مؤكدا أن تجاوب أصحاب الأراضي في توفير وتجهيز أوراق الملكية كان سريعا جدا. وفيما يتعلق بقطع الاراضي التي تعود ملكية غالبيتها (حوالي 80%) لبلدة قبلان وقرية يتما، قامت بلدية بيتا بالتواصل مع مجالسها المحلية لتجهيز الوثائق المماثلة، معربا عن أمله أن يكون تجهيزها سريعا كما حصل مع أبناء بيتا.

الشهداء وغالبية الجرحى لا يملكون ذرة تراب في الجبل

آخر اربعة شهداء على جبل صبيح

وأوضح أمين سر حركة فتح في بيتا منور بني شمسة لـ "الحياة الجديدة" أن الشهداء الذين ارتقوا الى العلى في معركة الدفاع عن جبل صبيح ليس فقط الشهداء الأربعة الذين استشهدوا خلال الاربعين يوما الفائتة، بل سبقهم الشهيد إمام جميل دويكات 17 سنة في العام 2014 بسبب إصراره على فلاحة أرضه في ذلك الوقت، اضافة للشهيد طارق صنوبر من قرية يتما والذي استشهد قبل حوالي أسبوعين خلال مشاركته مع شباب بيتا

الشخيد امام دويكات

الشهيد طارق صنوبر من يتما

في المواجهات، الى جانب اصابة ما يقرب من ستمائة شخص بينهم سبعون بالرصاص الحي، مؤكدا أن اللافت في موضوع الشهداء وغالبية الجرحى أنهم لا يملكون ذرة تراب في جبل صبيح، وأن جميع أبناء بيتا ومن مختلف التوجهات الوطنية والاسلامية ومن كل العشائر والشرائح، يقفون معا في هذه القضية التي يعتبرونها مصيرية بالنسبة لهم وبالنسبة لشعبهم وبخاصة في منطقة جنوب وشرق نابلس، وأكد أن كل شخص في بيتا ينسى وظيفته وطبيعة عمله ومركزه وانتماؤه السياسي ويقفون جنبا الى جنب متوجهين بشكل يومي وبعضهم بشكل شبه يومي للجبل، موضحا أنه ليس على أدل ذلك من استشهاد وكيل نيابة وأستاذ مدرسة وإصابة ضباط من الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية.

الجميع يشارك حتى التجار وكراجات الميكانيك

واعرب عن تقديره لغالبية أصحاب المحلات التجارية الذين يرفضون تقاضي قرشا واحدا مقابل أي منتجات لصالح حراس الجبل، وأضاف " حتى أصحاب كراجات تصليح السيارات حين يعلمون ان سيارة معطوبة بسبب فعاليات جبل صبيح يرفضون تقاضي اي مبلغ مقابل تصليحها". وقال بني شمسة أن أهالي البلدة كانوا قد أرغموا المستوطنين من خلال خوضهم لمعركة التصدي الشعبي والقضائي، على إخلاء هذه البؤرة أربع مرات على مدار حوالي اربعين عاما، كان آخرها في العام 2017، لكن اطماع الاحتلال لا تزال موجودة. وأوضح أن من أخطر أهداف إنشاء المستوطنة على جبل صبيح استخدامها لزيادة تجزئة المنطقة ضمن ما يُعرف بـ "عابر السامرة" وتحويلها لمجموعة كانتونات ليستحيل معها سياسيا وجغرافيا إقامة دولة فلسطينية.

وعند سؤال "الحياة الجديدة" لأحد الجرحى من بيتا عن سبب مشاركته في التصدي للمستوطنين وجنود الاحتلال قال بأن هذا الأمر واجب شرعي يتوجب بل ويُفرض على كل فلسطيني الدفاع عن أرضه وأرض أبناء بلده وشعبه، موضحا بأنه وكثير من الجرحى عادوا للجبل وواصلوا التصدي كل حسب ظرفه الصحي، وأكد أن هناك شبان أصيبوا بمناطق مختلفة من أجسادهم أكثر من مرة، لم يمنعهم من العودة للجبل والتصدي للمحتلين.

الاهتمام الرسمي بالجرحى دون المستوى

 

وفيما يتعلق بتعاون الجهات الرسمية والمجتمع المحلي مع حراس الجبل، قال انهم لا يريدون أجرا أو أي مستحقات فهذا واجبهم، لكنه – وقد وافقه على حديثه  جميع من التقتهم الحياة الجديدة وبضمنهم أمين سر فتح في بيتا – لكنه يرى أن القيام بواجب الجرحى، دون المستوى المطلوب رغم تقديره لجهد الكوادر الصحية، موضحا أن بعض الجرحى تم التعامل معهم وكأنهم مجرد مرضى في عيادة خارجية مكتظة بالمراجعين. وأشار الى أن أي شخص من حراس الجبل يرفض أن يتقاضى قرشا واحدا مقابل تفرغه للجبل، موضحا أن المشكلة بوجود بعض الجرحى الذين يعتبرون معيلين لأسرهم وباتوا عاجزين عن العمل بسبب اصابتهم، وان بعضهم يشتري على نفقته الخاصة بعض أنواع الأدوية المتعلقة بإصاباتهم، الى جانب أن بعض الشبان تم الغاء تصاريح عملهم في الداخل المحتل، ولم يجدوا أية جهة رسمية تقف الى جانبهم في هذا الموضوع.   

وأعرب عن اعتقاده أن ما يدفع كل هؤلاء هو قناعتهم بأنه اذا ما ضاع الجبل فإن كرامتهم ضاعت، وأن الجبل أمانة في عنق كل شخص منهم وكأنه هو المسؤول الوحيد عنه رغم عدم ملكيته لشبر منه، وانتهى الى القول "لا نكلّ ولا نملّ حتى نطهر جبلنا من دنس الغرباء، وان التقصير في وقت الجد خيانة" .

* صحيفة الحياة الجديدة

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد