تقارير وتحقيقات

دراسة علمية: ملفات الفساد في المؤسسات الفلسطينية بالآلاف.. ولم تفتح فعليًا

خلف خلف |
دراسة علمية: ملفات الفساد في المؤسسات الفلسطينية بالآلاف.. ولم تفتح فعليًا

خاص بـ"اخباريات" - خلف خلف:

كشفت دراسة حديثة أعدها المهندس فايز السويطي أن ملفات الفساد في المؤسسات الفلسطينية بالآلاف، ولم تفتح فعلياً، حيث توضح الدراسة أن التعيينات العشوائية غير المدروسة، وغير المسؤولة في كثير من المؤسسات للمسئولين الكبار (الفئات العليا) خاصة من حملة الشهادات الدنيا، ألحقت ضرراً فادحاً بالموظفين بشكل خاص وبالأداء العام والإنتاج بشكل عام، عدا عن اهتزاز سمعة السلطة الوطنية الفلسطينية محلياً وإقليماً ودولياً. الباحث فايز السويطي
وتشير الدراسة التي جاءت تحت عنوان: "الفساد نكبة فلسطين الجديدة وسرطان العصر"، أن التقارير السرية ترفع حسب الأمزجة والأهواء الشخصية وغالباً ما تكون مغرضة وتلحق أفدح الأضرار بالموظفين، كما أن  نظام المراسلات متخلف فقد ينتظر الموظف عدة أشهر وأحياناً عدة سنوات حتى يحصل على رد، وإن جاء الرد فقد يكون غير قانوني.
ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي تعتبر حصيلة خبرة طويلة للسويطي الحاصل على شهادة الماجستير في الهندسة الكيماوية من جامعة ايجة في تركيا عام 1988م، أن الوزير عندما يشغل مناصب أخرى يضعف الأداء ويؤثر على الإنتاج والإبداع، بل الانتماء الوظيفي والوطني، كما توضح الدراسة أن هناك تلاعبًا بالدورات التدريبية في الخارج حيث ينظر لها كمكسب ورحلات ترفيهية.
كما تبين الدراسة أن سنوات الانتماء التنظيمي يتم التلاعب بها فتحسب للبعض ويتم تجاهل آخرين، حتى داخل تنظيم حركة فتح، وكذلك قضايا الفساد التي يتورط بها الكبار يتم التستر عليها، ومخالفات وتجاوزات الكبار للقانون لا ينظر لها، فيما يدفع الموظف العادي ثمناً باهظاً بسبب أي مخالفة.
أيضا الوزراء المتعاقبون على وزارة في ظل حكم التنظيم الواحد يعجزون عن اتخاذ إجراءات إصلاحية، وأن أرادوا فقد لا يستطيعون، وأحياناً يهادنون ويسالمون، حسبما تقول الدراسة، وتتابع: "الوزراء المتعاقبون على وزارة في ظل حكم التنظيم الواحد ينظرون إلى مصلحة التنظيم أولاً، وهذا ينطبق أيضا على أعضاء المجلس التشريعي، وينظر بعض المسئولين الكبار إلى وزارته أو دائرته على أنها شركة خاصة أو مزرعة".
ومن نتائج الدراسة أيضا أن صراع المصالح الشخصية أو معارك تكسير الرؤوس مازالت تنخر بعظم كثير من المؤسسات ويدفع ثمنها الآخرون، حتى أن بعض المسؤولين الكبار المتورطين في قضايا ترهل أو تستر أو تضليل أو فساد يتم ترقيتهم إلى مناصب أعلى، هذا في وقت  دعاة الإصلاح غالباً ما يدفعون الثمن باهظاً.
وتتوصل الدراسة إلى أنه على مستوى وزارة الحكم المحلي لا يوجد إصلاح حتى الآن حسب اعتراف مدير ملف الإصلاح في الوزارة نفسها. وتضيف الدراسة: "السكوت على الفساد زاد من حدة استشرائه، وتقول الدراسة كذلك: "استغلال مراكز القوة (الميليشيات) في إطلاق النار على الوزراء والنواب والقضاة حتى على رئيس السلطة الوطنية أبو مازن في اجتماع في غزة بقصد التهديد وإغلاق ملفات الفساد".
ويؤكد السويطي في دراسته على أن خطط الإصلاح ترقيعية وإن وجدت لا تطبق والدراسات التقيمية توضع على الرف أو تختفي بدون حسيب أو رقيب. ويقول: "تقرير لجنة التحقيق في أحداث غزة ولو جاء متأخراً يؤكد صحة أقوال دعاة الإصلاح، وتقرير دراسة مؤسسة النخبة للاستشارات الإدارية عن وزارة الحكم المحلي يؤكد أيضاً صحة أقوال دعاة الإصلاح.
وتكشف الدراسة أن الترهل والفساد في معظم المؤسسات الأهلية مستشري كما هو الحال في مؤسسات السلطة، بل أن الترهل والفساد طال حتى مؤسسات السلطة القضائية والتشريعية والأمنية. كذلك بعض المؤسسات الرقابية الحكومية تمارس عملها بشكل غير قانوني ودرجة الاستجابة لها ضعيفة.
وبحسب السويطي "وهوأسير محرر"، فإن أجندة كثير من المؤسسات الأهلية إما خارجية أو حزبية أو عائلية أو شخصية وإن عددها كبير جداً وفاعليتها محدودة. وتشدد الدراسة على ان تعطيل عمل المجلس التشريعي بسبب خلافات فتح وحماس يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني. وتشير الدراسة إلى أن الشارع الفلسطيني ينظر إلى دور الأحزاب بصورة سلبية تصل إلى 58% وأن 60% من الشارع الفلسطيني مستقل وغير مؤطر.

وتتوصل الدراسة التي جاءت في نحو 270 صفحة إلى أن ضعف كثير من فصائل العمل الوطني وتشتتها وتشرذمها ساعد على استشراء الفساد. ومن النتائج التي خلص إليها السويطي أن الديمقراطية نظام جيد لكنه، ليس مثاليا فله عيوب ونقاط ضعف، كذلك يشير إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تعاني من فساد مالي وإداري منذ ثلاثة عقود.
وتتطرق الدراسة إلى القوانين والأنظمة السارية في الأراضي الفلسطينية، مؤكدة أنه يتم أحياناً تعديلها (وأحيانا تفسيرها) لتتلاءم مع مصالح الفئات العليا، والخاصة وتهميش أكثر للفئات المتوسطة، كما حصل في تطبيق قانون الخدمة المدنية المعدل لعام 2005م، وتكشف الدراسة عن أن عدد القضايا العالقة في المحاكم يتجاوز 65 ألف قضية وبعض القضايا يستغرق أكثر من عشر أعوام في المحاكم، ما يدفع المواطن إلى العزوف عن المطالبة بحقوقه أو اللجوء إلى قانون الحل العشائري أو اخذ القانون بيده.
ويستنتج السويطي أن القوانين الفلسطينية تحد من عملية الإصلاح فهي غير مكتملة، وبعضها قديم، وتفسيرها بحاجة إلى أنظمة ولوائح، والإبلاغ عن الفساد وحق الاطلاع على المعلومات لم يصل إلى درجة مشجعة طبقاً للقوانين السارية.
وتشير الدراسة أن ترتيب فلسطين حسب مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية هو 108 من مجموع الدول 154 عام 2004م, وهذا رقم مخيب، إذا ما أضيف إليه أن كثير من الأكاديميين فشلوا في إدارة المؤسسات الرسمية إما لعدم كفاءتهم أو لانشغالهم في أعمال أخرى على حساب العمل في الوزارة.
وترى الدراسة أن تضارب نتائج بعض الدراسات العلمية حول تقييم المؤسسات الحكومية مما يضع علامات استفهام حول جدوى بعض الدراسات، مشيرة في الوقت ذاته إلى ان المؤسسات الرقابية الحكومية مهما ادعت الحياد والاستقلالية فلا يخفى تجنبها للنقد الجاد للسلطة أو الحزب الحاكم، وأحياناً تستجدي الحلول.
ويشدد السويطي على أن الحديث عن الإصلاح في ظل بقاء المترهلين والفاسدين في مواقعهم هو حديث وهمي، أيضا الحديث عن الإصلاح ومكافحة الفساد في ظل غياب الإرادة الصلبة والمواقف الشجاعة والجرأة والصراحة هو أيضاً حديث وهمي. كما أن وسائل الإعلام الفلسطينية ضعيفة والكثير منها موال للسلطة أو للأحزاب وحسب مؤشر حرية الصحافة العالمي السنوي لمراسلون بلا حدود تحتل المناطق الفلسطينية المرتبة 115 من بين 167 بلداً,وهذا رقم متدني.
وتقدر الدراسة أن معظم رواتب السلطة الوطنية تذهب إلى كبار الموظفين حيث تشير التقديرات إلى أن 10% من الموظفين يتلقون 60% من إجمالي رواتب السلطة الفلسطينية. أيضا هناك تستر بل حماية المسؤولين فاسدين يقدمون الولاء للسلطة. وبحسب الدراسة فقد يصبح الفساد ظاهرة يتقبلها المجتمع بشكل عام وقد تنتشر الرشوة بمثابة ظاهرة عادية إذا لم يتم التحرك جدياً لمحاربة الفساد.
وتحدثت الدراسة عن الكثير من القضايا المتعلقة بالفساد والإصلاح بشكل مفصل، ففي مقدمتها وضع تعريفًا، الفساد والإصلاح، وتطرق الباحث إلى والمنهجية والدوافع، ثم كتب حول الفساد والحكم الصالح، ومحاربة الفساد والاحتلال، وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الموضوع، مثل حق الاطلاع على المعلومات، والإبلاغ عن الفساد، وفي الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان "وزارة الحكم المحلي وديوان الموظفين العام"، وضع الباحث ملخصًا لتجربة موثقة للعمل في وزارة الحكم المحلي على مدى 12 عاما، ثم قدم دراسة حول التقييم المؤسسي لوزارة الحكم المحلي، ووقفة مع وزارة الحكم المحلي، ووقفة مع ديوان الموظفين العام.
أما الفصل الثالث، فجاء تحت عنوان "مؤسسات المجتمع المدني والدولة والقطاع الخاص، ومن العناوين التي تضمنها، وقفة مع بعض مؤسسات المجتمع المدني(المنظمات الأهلية)، ووقفة مع الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، ووقفة مع ديوان الرقابة المالية والإدارية، ووقفة مع السلطة التشريعية، ووقفة مع السلطة التنفيذية (حكومة تسيير الأعمال)، ووقفة مع المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والدراسات.
ثم جاء الفصل الرابع، تحت عنوان "العمل الوطني الفلسطيني"، وتضمن: وقفة مع روح الشهيد القائد أبو عمار، ووقفة مع حركة فتح، ووقفة مع حركة حماس، وقفة مع فصائل العمل الوطني، ووقفة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وتلاه الفصل الخامس الذي تحدث الباحث خلاله عن الديمقراطية بشكل موسع. ليأتي بعدها الفصل السادس الذي احتوى على التقييم والنتائج والتوصيات.
ويذكر أن الباحث استخدم في الدراسة طرقاً ووسائل مختلفة، فقد ركز على النواحي العملية والتجريبية المدعمة بالوثائق، بالإضافة إلى نواحي نظرية ذات أهمية تكاملية مع النواحي العملية لتحقيق الغايات والأهداف المرجوة من هذه الدراسة، واشتمل ذلك على العديد من الأمور نذكر منها: تلخيص الباحث تجربة عمله الموثقة في وزارة الحكم المحلي على مدى (12) عاماً، وخاصة عمله في مديرية الحكم المحلي في الخليل وفي دائرة المجالس المشتركة في بيت لحم، إيماناً منه أن الحل الحقيقي لا يمكن تحق

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد