قد يستغرب البعض القول بان الدولة الفلسطينية بالفعل هي رؤية أمريكية، ليست منذ عهد الإدارة الحالية – إدارة بوش - و إنما منذ قرار تقسيم فلسطين في العام / 1948 م . لقد كانت فكرة الدولة الفلسطينية اخطر فكرة مرت على القضية الفلسطينية ، لقد كانت هذه الفكرة من التضليل بمكان بحيث أن الكثير من الشعوب و الحركات و التي منها ظاهره الإخلاص قد انجر لها و اقتنع بها ، و سنوضح إن شاء الله بالأدلة و الوثائق أن فكرة الدولة الفلسطينية خطة أمريكية بل مؤامرة أمريكية منذ أن وجدت ، فلم يقل بها من قبل لا العرب ولا الفلسطينيون ، فقط الذي وضعها في استراتيجيته هي الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى أصبحت الدولة الفلسطينية صنو للدولة اليهودية ، فإذا ما ذكرت دولة يهود ذكرت عند الأمريكان دولة فلسطين ، لذلك كان لا بد من كشف هذه المؤامرة و بيان مدى خطورتها على الأمة الإسلامية و على أهم قضاياها ، وكان لا بد من نصح المسلمين و دفع الأذى عنهم و اكبر هذا الأذى في هذه القضية ، فكرة الدولة الفلسطينية ،وقد جاء جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى الرسول صلى الله علية و سلم فقال: أبايعك على الإسلام ، فقال الرسول صلى الله علية و سلم على لسان جرير - فشرط علية – "و النصح لكل مسلم" ، و من النصح كشف المخططات و المؤامرات لدفع الأذى عن المسلمين . فهذه مسألة خطيرة يجب على كل مسلم أن يبحثها و أن يبين حكم الشرع فيها .
المرحلة الأولى : بدأت هذه الفكرة منذ استيلاء دولة يهود على حوالي 78% مما يسمى بأرض فلسطين وهو الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام ، ففي قرار التقسيم الصادر في العام 1947م تبنّت أميركا و بقوة فكرة إقامة الدولة العربية المنفصلة و المستقلة إلى جانب الدولة اليهودية .
تبنّت أميركا هذه الفكرة و اعتبرتها جزءا من استراتيجيتها في منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط ، بينما كان المستعمر القديم ( الإنجليز) قد تبنوا من قبل فكرة الدولة الفلسطينية العلمانية التي تجمع اليهود و المسلمين و النصارى في كيان واحد على شاكلة الدولة اللبنانية ، و الفكرتان هما فكرتان استعماريتان.
لكن الصراع بين المستعمر القديم و المستعمر الجديد أدى إلى تمسك كل طرف بفكرته لكي يمارس كل منهما نفوذه على أهل المنطقة ، و بالذات في قلب المنطقة الإسلامية لكي يتمكن من السيطرة على رقاب المسلمين .
المرحلة الثانية بعد قرار التقسيم كانت في العام 1959م و في أواخر عهد الرئيس الأمريكي "أيزنهور" ، حيث طرحت أميركا مشروعا واضحا و محددا عن فكرة الدولة الفلسطينية تحت عنوان الكيان الفلسطيني . في ذلك الوقت كانت الضفة الغربية و قطاع غزة بيد الأردن و مصر ، فجاء ايزنهور بمشروعه لاقامة كيان فلسطيني في الضفة الغربية و قطاع غزة في العام /1959م قبل أن تسلم لليهود ، حيث أن أميركا سبقت الفلسطينيين الداعين إلى إقامة دولة فلسطينية بحوالي 50 عاما ، في عام 1959 دعت أميركا إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة ،والان تدعوا الفصائل الفلسطينية بمختلف توجهاتها إلى نفس هذه الدعوة و بنفس ذلك الطرح ، إن أرادوا إقامة دولة فلسطينية في الضفة و القطاع فلماذا لم يقبلوا بها في العام 1959م وقد عرضتها عليهم أميركا بشكل واضح .
مشروع ايزنهاور في ذلك الوقت جاء به المبعوثون الأمريكيون بتعديل بسيط ، وهو أن الضفة الغربية و قطاع غزة يقام فيها كيان فلسطيني ، باستثناء القدس باعتبار أن القدس يجب أن تدول لوجود الأديان الثلاث حسب تقديرهم فيها ، لذلك دعت أميركا عملائها في مصر و السعودية و العراق ، في مصر جمال عبد الناصر و في السعودية الملك سعود وهو قبل الملك فيصل ، وفي العراق كان عبد الكريم قاسم قد أطاح بعملاء الإنجليز من الهاشميين و أقام قاعدة أميركية في العراق ، حيث دعت أمريكا عملائها الثلاثة في العام 59م لتأييد مشروع إقامة الدولة الفلسطينية ، وقد وافقت هذه الدول وبدأت تضغط على الأردن و كان قاعدة إنجليزية وما يزال ، ووقف حجر عثرة أمام تطبيق هذا المشروع ، وكون الأردن يسيطر على الضفة الغربية فقد رفض إقامة دولة فلسطينية و التنازل عن الضفة الغربية للأمريكان ، فضغطوا علية و هددوه بالوعيد و أغروه باغراءآت كثيرة ولكنه أصر على الرفض.
كانت حجة عملاء أميركا عبد الناصر و عبد الكريم قاسم و الملك سعود للفلسطينيين و للعرب ، أن الدولة الفلسطينية هي الحل الوحيد لقضية فلسطين و أن هذا الحل يوجد السلام و الأمن في المنطقة ، وان إسرائيل قوة كبيرة وجدت لتبقى – هكذا خاطب الحكام شعوبهم – و أن هذه الدول العربية بما فيها جيوشهم اعجز من أن تزيل دولة إسرائيل ، هذه هي الفكرة التي جاء بها ايزنهاور و لقمها لعملائه في هذه الدول ، فقال عليكم أن تهضموا فكرة وجود إسرائيل و بالمقابل تقيموا كيانا فلسطينيا ، ثم بعد ذلك عليكم أن ترفعوا أيديكم عن الفلسطينيين وعن القضية الفلسطينية ، وفي ذلك تمهيد لما جاءوا به من بعد من جعل منظمة التحرير هي الممثل الشرعي و الوحيد للفلسطينيين .
ثم في هذا المشروع خوطب الفلسطينيون فقيل لهم أن عليكم أيها الأشاوس الفلسطينيون أن تتولوا أموركم بأيديكم ، فالدول العربية لن تنفعكم فاقبلوا بالكيان الفلسطيني كمرحلة أولى ثم بعد ذلك فكروا بتحرير ما تبقى من فلسطين المغتصبة .
قام عبد الناصر في العام 1959م و كان أشدهم تأييدا للفكرة و نشاطا لها بالدعوة لاقامة ما يسمى بالجمهورية العربية الفلسطينية ، على نمط الجمهورية العربية المتحدة في الضفة الغربية و القطاع ، و جند الفلسطينيون الذين يسكنون في قطاع غزة الذي كان تحت حكم عبد الناصر لتأييد هذه الفكرة و اتصل بالهيئة الفلسطينية العليا في القدس ، و احتضن الهيئة و ساعده في ذلك الملك سعود .
لم يكتفي عبد الناصر بذلك فعرض مشروع ايزنهاور هذا على الجامعة العربية في مؤتمرها في القاهرة في العام 1959م ، ثم ذهبوا إلى لبنان في العام 1960م في مؤتمر "شتورا" ، و ضغط عبد الناصر و عملاء أمريكا على رئيس وزراء الأردن آنذاك الذي حضر المؤتمر نيابة عن الملك حسين "هزاع المجالي" ، فوافق هزاع المجالي على إقامة الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية و قطاع غزة ، ولكن بعد عودته إلى الأردن قتل فورا في عمّان ، وبذلك احبط الملك حسين قبول الأردن لفكرة الدولة الفلسطينية ، وقد كشف رئيس الوفد الأردني في مؤتمر شتورا موسى ناصر فقال : "إن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت اقتراحا لإنشاء الكيان الفلسطيني و تبنته السعودية و عرضته على الجامعة العربية" .
المرحلة الثالثة في العام 1961م حيث انتهى حكم ايزنهاور و جاء جون كندي إلى الحكم فتبنى نفس المشروع و أرسل برسائل مشهورة في العام 1961م إلى عملائه الملك سعود و عبد الناصر و عبد الكريم قاسم في ذلك الوقت و فؤاد شهاب في لبنان .
وعقدوا مؤتمرا جديدا في القاهرة في العام 1961م وضغطوا على الملك حسين لحمله على القبول بالفكرة ، وفي نفس الليلة اجتمع السفير الأمريكي في عمّان برئيس الوزراء الأردني بهجت التلهوني في ذلك الوقت و ضغط علية ليقبل بالدولة الفلسطينية ، و كاد أن يقبل لولا أن الملك هدده بقتله كما قتل من قبل سلفه هزاع المجالي ، فتراجع و خاف من قبول الفكرة الأمريكية .مما يؤكد بأنه كان هناك ضغطا أمريكيا على الملك حسين للقبول بالدولة الفلسطينية .
لما فشلت جميع المحاولات الأمريكية لقبول فكرة الدولة الفلس