فسحة للرأي

الدولة الفلسطينية.. رؤية أمريكية ليست رؤية شرعية

أحمد الخطيب |

بقلم: أحمد الخطيب

قد يستغرب  البعض القول بان  الدولة  الفلسطينية بالفعل هي  رؤية  أمريكية، ليست منذ عهد الإدارة الحالية – إدارة  بوش -  و إنما  منذ قرار تقسيم  فلسطين في  العام / 1948 م .  لقد كانت فكرة  الدولة  الفلسطينية اخطر فكرة مرت على  القضية الفلسطينية ، لقد  كانت  هذه الفكرة من  التضليل  بمكان بحيث أن الكثير من الشعوب و  الحركات  و التي منها ظاهره  الإخلاص قد انجر لها  و اقتنع بها ، و سنوضح إن شاء الله  بالأدلة و  الوثائق أن  فكرة الدولة الفلسطينية خطة أمريكية بل  مؤامرة أمريكية منذ أن وجدت ، فلم يقل بها من قبل لا العرب ولا الفلسطينيون ، فقط الذي وضعها في استراتيجيته هي الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى أصبحت  الدولة الفلسطينية صنو  للدولة اليهودية ، فإذا ما  ذكرت دولة يهود ذكرت عند الأمريكان دولة فلسطين ، لذلك كان لا بد من كشف  هذه  المؤامرة و بيان  مدى خطورتها  على الأمة الإسلامية و على أهم قضاياها ، وكان  لا بد من  نصح المسلمين و دفع الأذى عنهم و اكبر هذا الأذى في هذه القضية ، فكرة الدولة الفلسطينية ،وقد جاء جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى الرسول صلى الله علية و سلم فقال: أبايعك على الإسلام ، فقال الرسول صلى الله علية و سلم على لسان جرير  - فشرط علية – "و النصح لكل مسلم" ، و من  النصح كشف المخططات و  المؤامرات لدفع الأذى  عن المسلمين .  فهذه مسألة خطيرة  يجب على كل  مسلم  أن  يبحثها و  أن  يبين حكم  الشرع  فيها .
المرحلة الأولى : بدأت  هذه  الفكرة  منذ استيلاء دولة يهود على حوالي 78% مما يسمى بأرض فلسطين وهو الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام ، ففي قرار التقسيم الصادر في العام 1947م تبنّت أميركا  و  بقوة فكرة إقامة الدولة العربية المنفصلة و  المستقلة  إلى جانب الدولة اليهودية .
تبنّت  أميركا  هذه  الفكرة و اعتبرتها جزءا من  استراتيجيتها في منطقة ما  يسمى  بالشرق  الأوسط ، بينما  كان  المستعمر  القديم ( الإنجليز) قد تبنوا من  قبل فكرة الدولة الفلسطينية العلمانية التي تجمع  اليهود و المسلمين و  النصارى في كيان واحد على شاكلة الدولة اللبنانية ، و الفكرتان هما فكرتان استعماريتان.
لكن الصراع بين  المستعمر  القديم و  المستعمر الجديد أدى إلى تمسك كل طرف بفكرته لكي  يمارس كل منهما نفوذه على  أهل  المنطقة ، و بالذات في قلب المنطقة الإسلامية لكي يتمكن من السيطرة على رقاب المسلمين .
المرحلة الثانية بعد قرار  التقسيم كانت  في  العام 1959م  و في  أواخر  عهد  الرئيس  الأمريكي "أيزنهور" ، حيث طرحت أميركا مشروعا واضحا و محددا عن فكرة الدولة  الفلسطينية تحت عنوان الكيان الفلسطيني .  في ذلك الوقت كانت الضفة الغربية و قطاع غزة  بيد الأردن و  مصر ، فجاء ايزنهور بمشروعه لاقامة كيان فلسطيني في الضفة الغربية و قطاع غزة في العام /1959م قبل أن  تسلم  لليهود ، حيث أن أميركا سبقت الفلسطينيين الداعين إلى إقامة دولة فلسطينية بحوالي 50 عاما ، في عام 1959 دعت أميركا إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة ،والان تدعوا الفصائل الفلسطينية بمختلف توجهاتها إلى نفس هذه الدعوة و بنفس ذلك  الطرح ، إن أرادوا إقامة دولة فلسطينية في الضفة و القطاع فلماذا لم  يقبلوا بها  في العام 1959م وقد عرضتها عليهم أميركا  بشكل واضح .
مشروع  ايزنهاور في ذلك  الوقت جاء به  المبعوثون الأمريكيون  بتعديل بسيط ، وهو أن  الضفة الغربية و قطاع غزة  يقام  فيها  كيان  فلسطيني ، باستثناء القدس باعتبار  أن  القدس يجب أن  تدول لوجود الأديان الثلاث حسب تقديرهم فيها ، لذلك دعت أميركا  عملائها في  مصر و السعودية و  العراق ، في مصر جمال عبد الناصر و في السعودية الملك سعود وهو قبل الملك فيصل ، وفي العراق كان عبد  الكريم قاسم قد أطاح بعملاء الإنجليز من  الهاشميين و أقام  قاعدة  أميركية في العراق ، حيث دعت أمريكا عملائها  الثلاثة في العام 59م لتأييد مشروع  إقامة الدولة الفلسطينية ، وقد وافقت هذه  الدول وبدأت تضغط على الأردن و كان قاعدة إنجليزية وما يزال ، ووقف حجر عثرة  أمام تطبيق  هذا المشروع ، وكون الأردن  يسيطر على الضفة الغربية فقد رفض إقامة دولة فلسطينية و التنازل عن  الضفة الغربية للأمريكان ، فضغطوا علية و هددوه بالوعيد و أغروه  باغراءآت كثيرة  ولكنه أصر على الرفض.
كانت  حجة عملاء أميركا عبد الناصر و عبد الكريم قاسم و الملك سعود للفلسطينيين و للعرب ، أن  الدولة الفلسطينية هي  الحل الوحيد لقضية فلسطين و أن  هذا الحل  يوجد  السلام و الأمن  في  المنطقة ، وان  إسرائيل قوة كبيرة وجدت لتبقى – هكذا خاطب  الحكام  شعوبهم – و  أن  هذه الدول العربية بما فيها جيوشهم اعجز من  أن تزيل دولة إسرائيل ، هذه هي الفكرة التي جاء بها  ايزنهاور و لقمها  لعملائه في هذه الدول ، فقال  عليكم أن  تهضموا فكرة وجود  إسرائيل و بالمقابل تقيموا كيانا فلسطينيا ، ثم بعد ذلك عليكم أن  ترفعوا أيديكم  عن  الفلسطينيين وعن القضية الفلسطينية ، وفي ذلك  تمهيد  لما جاءوا به من بعد من جعل منظمة التحرير هي الممثل الشرعي و الوحيد للفلسطينيين .
ثم في هذا المشروع خوطب الفلسطينيون فقيل لهم أن عليكم  أيها الأشاوس الفلسطينيون أن  تتولوا أموركم  بأيديكم ، فالدول  العربية لن  تنفعكم فاقبلوا بالكيان  الفلسطيني كمرحلة أولى ثم  بعد ذلك فكروا بتحرير ما  تبقى من  فلسطين المغتصبة .
قام عبد الناصر في العام 1959م و كان أشدهم تأييدا  للفكرة و نشاطا  لها بالدعوة لاقامة ما يسمى  بالجمهورية  العربية الفلسطينية ، على نمط الجمهورية العربية المتحدة في الضفة الغربية و القطاع ،  و جند الفلسطينيون الذين يسكنون في قطاع غزة الذي كان تحت حكم عبد  الناصر لتأييد هذه  الفكرة و  اتصل  بالهيئة الفلسطينية العليا في  القدس ، و  احتضن الهيئة و  ساعده  في  ذلك الملك  سعود .
لم يكتفي عبد الناصر بذلك  فعرض مشروع ايزنهاور هذا على الجامعة  العربية في مؤتمرها في  القاهرة في  العام 1959م  ،  ثم  ذهبوا إلى  لبنان في العام  1960م  في مؤتمر  "شتورا" ، و ضغط عبد الناصر و عملاء  أمريكا على رئيس وزراء الأردن آنذاك الذي حضر المؤتمر نيابة عن  الملك حسين "هزاع المجالي" ، فوافق  هزاع  المجالي على إقامة الكيان الفلسطيني في الضفة  الغربية و قطاع  غزة ، ولكن بعد عودته  إلى  الأردن قتل فورا  في  عمّان ، وبذلك احبط  الملك  حسين قبول  الأردن لفكرة  الدولة الفلسطينية ، وقد كشف رئيس الوفد الأردني في مؤتمر شتورا  موسى ناصر فقال : "إن الولايات  المتحدة  الأمريكية قدمت  اقتراحا لإنشاء  الكيان  الفلسطيني و تبنته  السعودية و عرضته على  الجامعة العربية" .

المرحلة الثالثة في العام 1961م  حيث انتهى  حكم  ايزنهاور و جاء جون كندي  إلى الحكم فتبنى نفس  المشروع و أرسل  برسائل مشهورة في  العام  1961م إلى  عملائه الملك  سعود  و  عبد  الناصر و  عبد  الكريم  قاسم في ذلك  الوقت  و  فؤاد شهاب  في  لبنان .
وعقدوا  مؤتمرا  جديدا في  القاهرة في  العام 1961م  وضغطوا  على  الملك حسين لحمله على  القبول  بالفكرة ، وفي  نفس  الليلة اجتمع السفير  الأمريكي  في عمّان برئيس  الوزراء الأردني بهجت التلهوني في  ذلك  الوقت و ضغط علية ليقبل  بالدولة الفلسطينية ، و كاد  أن  يقبل لولا  أن الملك هدده بقتله كما قتل  من قبل سلفه هزاع المجالي ، فتراجع و خاف من  قبول  الفكرة  الأمريكية .مما يؤكد بأنه  كان  هناك ضغطا  أمريكيا على الملك  حسين للقبول بالدولة  الفلسطينية . 
لما فشلت جميع  المحاولات  الأمريكية لقبول فكرة  الدولة الفلس

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد