تقارير وتحقيقات

حاجز حوارة..اسم جديد ومعاناة مستمرة !!

رنا خموس |
حاجز حوارة..اسم جديد ومعاناة مستمرة !!

رنا خموس- خاص بـ"إخباريات":

 ملامح قاسية باتت على مدخل مدينة نابلس الجنوبي بالضفة الغربية، يحددها وجه جديد لحاجز حوارة الذي عمل الاحتلال على تغيير معالمه طوال الأشهر الماضية، ليكون تقاسيم ومعالم وتضاريس جديدة يرسمها على مداخل مدننا الفلسطينية، فكان لحاجز حوارة سابقا اسم، واليوم اقترن اسمه ب "المعبر".
وعلى "معبر حوراة" كان أسامة عمر ينتظر زوجته فاطمة يحدثها عبر الهاتف، إنه ما زال ينتظرها على معبر حوارة وطوابير المواطنين أمامه طويلة، طالبا منها أن تؤخر مجيئها مع الأطفال لعل جنود الاحتلال يشفقون على حال المنتظرين قبل ساعات الغروب للسماح لهم بالعبور، وحتى لا يرهق أطفاله من الوقوف بالبرد.
تحدث إلينا أسامة واجما منهكا من تعب الانتظار وهو ينفث دخان سيجارته بالهواء ليقلل من حدة التوتر كما قال " لم تعد هناك حاجز أو مرور، بل اصبح اليوم عبور، وكأنني على حدود دولة وليس مدخل بلدتي حوارة، إن الوضع يزداد سوءا، فلم تعد الأسماء وحدها هي التي تتغير، بل المكان، وكل نهار يحمل معه مفاجآت جديدة، حتى بتنا لا نعرف وطننا من كثرة التغيرات التي طرأت عليه".


تقسيم الأرض
وأكد الدكتور علي عبد الحميد الخبير بالخرائط والمخططات الفلسطينية لـ"شبكة اخباريات" أن سياسة المعابر تهدف إسرائيل من ورائها بسط نفوذها بشكل اكبر وأوسع على المدن والقرى الفلسطينية، وليس للعامل الأمني علاقة بالأمر، وإنما تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى كنتونات صغيرة بحيث يمكن السيطرة عليها وتجزئتها، والفصل بين المناطق الحيوية والحساسة كفصل الشمال عن الجنوب.
وأوضح عبد الحميد، أن الحاجز عبارة عن ممر للمواطنين، يستخدم للفصل بين منطقتين، ولا أماكن إنشائية أو أبنية، وقد يكون دائم، وهذه الحواجز متغيرة من فترة لأخرى.
أما المعبر فانه يأخذ صفة الديمومة أكثر، وله أبنية وإنشاءات كبيرة ومتعددة، وهناك عليه ممر خاص للمواطنين وآخر للسيارات والشاحنات، وفيه أجهزة تفتيش وحراسة أمنية عالية، ويأخذ صفة الرسمية، وهو الموجود حاليا على معبر حوارة، الذي بني له أبراج وهو بتوسع مستمر حاليا.

وقال الخبير بالخرائط والمخططات الفلسطينية، أن إسرائيل تختار الأماكن والنقاط المفصلية وشرايين الحركة، "وبالتالي تزيد المعاناة بإشعار الناس مسبقا بأهمية هذه المعابر، فلا يسمح إلا بمرور الناس في سن معين وممن يحملون تصاريح خاصة، ويخضعون لتفتيش دقيق، وربما يكون لهذه المعابر مردود اقتصادي أيضا، بحيث يضع المواطنون غرامة مالية على أنفسهم من خلال التصاريح أو على بضائعهم".
وقد شهد حاجز حوارة توسعات وإضافات كبيرة وواسعة على مدار الأشهر الماضي تحول على أثرها إلى معبر أشبه بمعبر قلنديا الواقع على مشارف القدس الشريف، ويعتبر حاجز حوارة أكثر الحواجز مرارة وأشدها تعذيبا وامتهانا لكرامة الإنسان، ومن أكثر الحواجز التي شهدت حوادث قتل لفلسطينيين وقد لقب بحاجز الموت سابقا، وها هو اليوم يأخذ شكلا جديدا ومسرحا لأنواع التعذيب
في حين أقدم الاحتلال الإسرائيلي على جرف مساحات واسعة من الدونمات التي تقع بشكل ملاصق من الجهة الشمالية للحاجز وتم تحويلها إلى مجمع انتظار للمركبات على غرار المجمع الذي شيد العام الماضي من الجهة المقابلة، وتم وضع أبراج مراقبة وكاميرات، ومعبر حوارة يتحكم بحركة سكان شمال الضفة الغربية بما فيها المدينة باتجاه وسط وجنوب الضفة.


شل الحياة
ومن جانبه، أكد سامر مرعب رئيس بلدية حوارة، أن تحول الحاجز إلى معبر إنما يدل على خلق واقع جديد واستمرار لوجود الاحتلال ولا حديث بعد اليوم عن إزالة هذا الحاجز، لأنه تحول إلى معبر يصطف أمامه آلاف المواطنين كل يوم للسماح لهم بالمرور، إن معبر حوارة أسوء ما شهده الشعب الفلسطيني وهو معاناة بحد ذاتها، فقد اثر بشكل كبير على حياتنا بجميع جوانبها الحياتية وشل حركة التجارة والاقتصاد والحياة المجتمعية، وما المعبر إلا عملية تسهيل وتنظيم للجنود المتواجدين عليه ومعاناة اكبر علينا.
وأوضح مرعب، قبل أيام من أحداث الاعتداءات التي قام بها المستوطنون على حاجز حوارة وقاموا بإغلاقه ومنع التنقل من خلاله، لم يستطع احد الوصول إلى الجهة الشمالية ولا الجنوبية ومن دخل من نابلس لا يستطيع الرجوع إليها، وتم فتح معبر عورتا التجاري حتى تمكن المواطنون من دخول نابلس من بيت ايبا أو عبر الطرق الجبلية الصعبة، فهم بذلك لفوا حول المدينة واستغرقت ساعات ومعاناة كبيرة حتى استطاعوا الوصول، فمعبر حوارة هو المنفذ الوحيد للمواطنين من الجهتين الشمالية والجنوبية، وجميع الخدمات موجودة بنابلس سواء تعليمية أو صحية أو رسمية، فنحن ونابلس قطعة واحدة وهي عاصمة الشمال ولا نستطيع الاستغناء عنها، فالمرضى على الحواجز يواجهون صعوبات جمة لتلقي علاجهم والطلبة أيضا.
 وأشار رئيس بلدية حوارة، أن المساحة التي تم السيطرة عليها مؤخرا لبناء المعبر حوالي 7 دونمات ، بالإضافة إلى حوالي ألفي دونم يقبع عليه معسكر حوارة، فقد أصبح مدخل القرية منطقة عسكرية ومعبر حقيقي، لا يستطيع احد الدخول والخروج إلا منه، وهو بوابة سجن على مدينة نابلس.


إجراءات مشددة
سامي حسن يعمل موظفا في إحدى شركات مدينة نابلس كان على الحاجز ينتظر دوره للتفتيش حينما قال " لا نستطيع العيش حياة طبيعية وهناك حاجز، وها هو اليوم يتحول الحاجز إلى معبر، أي حياة نحياها ونحن على هذه الشاكلة، كل يوم ننتظر لساعات ليأمرنا جندي لا نعرف من أي دولة قادمة يأمرنا بان نرفع ملابسنا وننزع أحزمتنا وكل ما نحمله حتى يتأكد من خلونا امنيا، كل يوم على هذه الحالة في الخروج والدخول، نتحرك ونتنقل بإذنهم، نخاف أن نمرض حتى لا نضطر الوقوف على الحاجز أو نعرض ذوينا للخطر إذا احتجنا لطبيب ليلا، ويبقى أن يتحكموا بنفسنا ويمنعوا عنا الهواء".
وأضاف سامي، إن الوضع الاقتصادي والمعيشي يزداد سوءا بوجود معبر حوارة، فانا موظف اخرج في الصباح الباكر حتى استطيع الوصول إلى وظيفتي واستغرق أكثر من ساعة ونصف متوجها إلى العمل وساعتين أو أكثر على الحاجز وأنا في طريق العودة، وأصل إلى البيت مع أذان المغرب، ووقتي يهدر على الحواجز وطاقتي ومالي أيضا، فانا ادفع شهريا مواصلات حوالي 120 دينارا، وهذا يعني أن نصف راتبي يصرف مواصلات على الحواجز ومسئول عن أسرة مكونة من ثلاثة أفراد.
 أما الطالبة مجد عبد اللطيف من بلدة جماعين جنوب نابلس قالت " أهلي لا يستطيعون توفير سكن في المدينة، ولهذا أتنقل على الحاجز كل يوم حتى أصل إلى جامعتي، ساعات طويلة نقضيها على الحاجز حتى نستطيع الوصول إلى الجامعة، وكثيرا ما أتأخر عن المحاضرات وعن البيت، معبر حوارة أصبح مأساة كبيرة بالنسبة لي، وأعود إلى منزلي بساعات متأخرة ولا استطيع الدراسة من تعب الانتظار وما نراه على الحاجز".
ويذكر أن "إسرائيل" تقيم في الضفة الغربية المحتلة أكثر من 630 حاجز وعقبة تمنع تنقل الفلسطينيين بحرية، و105 بوابات تقطع أوصال المواطنين، وان  عدد الحواجز في الضفة الغربية ازدادت بنسبة 7% منذ شهر سبتمبر أيلول من العام الماضي وحتى أواخر شهر ابريل نيسان من هذا العام.

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد